كل يوم

المشروعات الصغيرة.. واقع محزن ورقم صادم!

سامي الريامي

عندما نتحدث عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإننا نعني 94.3% من الشركات الصغيرة والمتوسطة، يعمل بها نحو 62% من القوى العاملة في الدولة، وهذا يعني أننا نتحدث عن قطاع حيوي ضخم، يسهم عملياً بنحو 75% من الناتج الإجمالي للدولة، لذا من الصادم حقاً أن نعرف أن 98% من أصحاب هذه المشروعات هم من غير المواطنين!

«من المؤلم أن نعرف أن عدداً كبيراً من الدوائر المحلية والجهات الاتحادية، لم يلتزم بالتعاقد مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بنسبة لا تقل عن 10% من إجمالي عقودها سنوياً».

من المؤلم جداً أن نصل إلى هذه النتيجة، على الرغم من وجود قوانين داعمة للمواطنين في هذا المجال، أهمها قانون إلزام الجهات الاتحادية بالتعاقد مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بنسبة لا تقل عن 10% من إجمالي عقودها سنوياً، ومن المؤلم أكثر أن نعرف أن عدداً كبيراً من الدوائر المحلية والجهات الاتحادية لم يطبق هذا القانون!

أما لماذا لم يلتزم أولئك بالقانون؟ فهذا سؤال يصعب إيجاد جواب مقنع له، كما يصعب الحصول على إجابات مقنعة لأسئلة كثيرة، منها: لماذا يشعر الشباب بأن هناك تضييقاً عليهم بمجموعة قيود واشتراطات، تتسبب في تعثر مشروعاتهم الصغيرة؟ ولماذا لا يتعثر الأجنبي ويتضخم مشروعه سريعاً في السوق؟ ولماذا لا توجد أي حماية للمشروعات الوطنية الصغيرة والمتوسطة؟ وأخيراً لماذا وصلنا إلى هذه النتيجة المحزنة والمقلقة، وتركنا قطاعاً حيوياً مهماً يتعثر فيه المواطنون، ويتحكم فيه غيرهم؟!

بالتأكيد هناك أسباب عدة لتعثر مشروعات المواطنين الصغيرة والمتوسطة، منها ما يتعلق بالشباب المواطن، الذي يمتلك الحماسة للعمل الخاص، لكنه يفتقر إلى الخبرة الكافية، ولا يُعد الدراسات اللازمة للمشروع بدقة، كما لا يُعير دراسات الجدوى عالية الكفاءة أي اهتمام، إضافة إلى التوسع غير المدروس، أو عدم التفرغ بشكل كامل، والاعتماد على الغير.

لكنْ هناك أسباب أكبر من ذلك تحتاج إلى وقفات حكومية قوية وفورية، أهمها توفير الدعم اللازم لهؤلاء الشباب، مثل التسهيلات والتمويلات الميسرة، وتوفير الاستشارات الاقتصادية، وحمايتهم عبر قوانين داعمة لهم، وتغيير بعض القوانين المقيدة لهم، واستثنائهم منها، وفقاً لضوابط واضحة تقرها الجهات المعنية، إضافة إلى وضع آلية واضحة للرقابة على الجهات المحلية والاتحادية، التي لا تكترث بقانون تخصيص نسبة من المشتريات الحكومية لمصلحة المشروعات الوطنية الصغيرة والمتوسطة!

ما يحدث في هذا القطاع أمر مقلق، وينبغي ألا يمر هذا الرقم من دون التفاتة من المسؤولين المعنيين، ومن دون اجتماعات سريعة، وورش عمل، وجلسات عصف ذهني، ومشاركة فاعلة بين المسؤولين والشباب والاستماع لهم، وفتح الأبواب والصدور بكل شفافية ووضوح، لمعرفة ما يحدث في السوق، ومسببات تعثر المواطنين، ثم مواجهتها، ووضع الخطط والاستراتيجيات القصيرة والمتوسطة لاستقطاب الشباب، ودعمهم ومساعدتهم لبدء أعمالهم الخاصة، والدخول في عالم المشروعات الصغيرة بنجاح، لابد من تسهيلات غير محدودة، وقوانين خاصة تساعدهم على الوقوف والاستمرار في بيئة تنافسية صعبة وغير منصفة، ومنافسة غير شريفة في معظم الأحيان!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر