مزاح.. ورماح

مراجعة سريعة

أحمد حسن الزعبي

على ما يبدو أن كلام المدرسة تمحوه العطلة، فقد قادني الزهق والملل إلى سؤال أحد أولادي ــ ونحن في حالة استرخاء وقت الظهيرة مرتدين (اليوني فورم) سراويل بيضاء وفانيلات نصف كم ــ السؤال التقليدي الذي عادة ما يقذفه الآباء لإحراج أبنائهم: (9x7) كم؟ فابتسم الصبي، ورفع كتفيه إلى الأعلى معتذراً عن عدم الإجابة. فقمت بتنزيل القيمة قليلاً: طيب (8x6)؟ فابتسم من جديد، ورفع كتفيه.. طيب (4x4)؟ والنتيجة نفسها، بل أتبعها متهرّباً «بدي اشرب مي من المطبخ وأرجع»، وبعد أن ارتوى، وعاد متباطئاً، انتقلنا من الحساب إلى الإنجليزي: شو معنى «أصفر» بالإنجليزي؟ فحكّ حاجبه الأيمن، وقال: «هاظا.. يعني.. هاظا..»، طيب «زهري»؟ «هاظا.. زهري؟ كنت حافظها.. بس هاظا.. يعني هاظا»، واستمر في معزوفة الــ«هاظا» من دون أن يصل إلى أي مفردة من قائمة الألوان لتسعفه، قفزنا من الحساب إلى الإنجليزي إلى الجغرافيا، فسألته: ماذا يحدّنا من الشمال.. فقال: دار عمي! عندها استندت وتربّعت، بعد أن شعرت بأن الصبي قد تعرّض لـ«فرمتة» كاملة، فكل الموجود على «ديسك توب» الدماغ والـ«سي دي» تم حذفه خلال أشهر العطلة الثلاثة، صمتُّ لحظة ثم سألته: طيب ما اسم «كناين أبوعصام تبع باب الحارة»؟ فأجاب بطلاقة: خيرية ولطفية وهدى، عندها أيقنت أن التعليم كله صار في جيبة «الواوي» الصغيرة.

على كلٍ بقيت أيام قليلة على المدرسة، عندها سنرى بماذا ستنفعك «كناين أبوعصام» يا «نمس».. يوم لا تنفع دراما ولا فنون.

**

في سياق متصل، كنت أتساءل بيني وبين نفسي، بما أن الجامعة العربية في حالة استرخاء، وتقضي عطلة طويلة جداً أطول من عطلة المدارس، لماذا لا تقوم بعمل مراجعة سريعة للعرب، لتذكيرهم بما تم تجرّعه في سنوات العروبة السابقة، لاسيما أن هناك بعض المستجدّين على «الصف»، ويحضرون للمرة الأولى، يعني ماذا لو عقدت قمة عربية عالية التمثيل في مقر الجامعة، لا لأخذ قرارات أو مواقف هذه المرة، وإنما فقط لتذكيرهم ببعض المصطلحات في قاموس الأمة، مثلاً ماذا يعني لك الرقم (67)؟ ماذا يعني لك الرقم (48)؟ العمل العربي المشترك، أمة عربية واحدة، القضية الفلسطينية، التنقل بالهوية الشخصية، إزالة عوالق سايكس بيكو، العلاقات الثنائية، نحو تحرير الأرض والإنسان، افتح يا سمسم، تجوّع يا سمك، تجوّع يا بطيخ، أي شيء، المهم ألا ننسى شعاراتنا، و«التطبيق» على أقل من مهله!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر