مزاح.. ورماح

«ليسن تو مي أوباما»

أحمد حسن الزعبي

يُفتح باب الغرفة قليلاً، يطل أحد الأولاد برأسه، وعندما يشاهدني مندمجاً في الكتابة يغلق الباب ويخرج، بعد ساعة أو ساعتين يفتح الابن الثاني الباب من جديد، يحكّ شعره قليلاً أمامي ثم يغادر، فأعرف أن هناك شكوى أو طلباً أو تذمّراً بالحجم العائلي ينتظر انتهائي من عملي ليصلني، وعليه أقوم بإبطاء الإنجاز، وإشغال نفسي بلا شيء، والظهور بمظهر المتفاني المرهق المتجهم قدر المستطاع، وذلك كي لا تسنح لهم الفرصة ليشكوا، وكي لا تسنح لي الفرصة لأسمع! باختصار إنه أسلوب حُكم، ولو على المقاس البيتي.

 

«فاليري مكاو»، سيدة أميركية «مطلقة»، وتربي ابنها الوحيد الذي وصل إلى المرحلة الجامعية، متحملة أعباء دراسته ومعيشتهما منفردة. السيدة الأميركية بعد أن تعبت من ظروف العمل والحياة، ومعاناتها الوحدة، وندرة من يسمع أو يشارك في الحلول، قررت أن تكتب رسالة في منتصف الليل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، «خبط لزق»، وبعثتها على بريده الإلكتروني، تقول له فيها: «إنها تعمل سبعة أيام في الأسبوع، بلا يوم راحة، ولا تستطيع أن تلبي احتياجات أسرتها، ودفع الفواتير المستحقة عليها».

طبعاً من خلال رسالتها لم تقصد أن تطلب من رئيسها مبلغاً مالياً، وإنما تطلب منه حلاً عملياً، يعيد حياتها إلى سكّة التكافؤ.

الـ«إيميل» لم يتم حذفه من قبل فريق الدعم الفني، ولم يذهب إلى الـ«spam» برمجياً، كما لم يتول المهمة الردّ الآلي، كما هي العادة «شكراً.. ستتم الإجابة على طلبك في القريب العاجل»، وبعد ذلك لا تتم الإجابة، لا في القريب العاجل ولا في البعيد الآجل، بل وصلت الرسالة في لحظتها إلى البريد الشخصي المباشر للرئيس الأميركي، الأمر الذي جعله يضع مقابلتها على برنامج عمله في مدينتها «كانساس سيتي»، حيث قابلها هناك وجهاً لوجه، إضافة إلى أربعة أشخاص آخرين على طاولة العشاء، بعد أن تحرر من ربطة العنق والملابس الرسمية، وفضّل الجلوس مع أناس عاديين ــ لديهم مشكلات تقليدية، وسماعهم، ومشاركتهم الأفكار للخروج من مآزقهم ــ على بروتوكولات الدنيا.

لقاء الرئيس بالسيدة الأميركية لم يكن «طفرة»، فقد خصص شهر يوليو الماضي كله للقاء مواطنين أميركيين عاديين، كتبوا له على بريده الإلكتروني يشكون همومهم الاقتصادية.

**

في بعض بلدان الوطن العربي الوصول إلى القمر أسهل بكثير من الوصول إلى سكرتيرة مدير مكتب مرافق نائب الحارس الشخصي لحلاق رئيس البلدية!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر