كل يوم

«ابدأ بالمشي» وبفحص «السكري»..

سامي الريامي

تراجعت الإمارات في الترتيب العام من حيث نسبة الإصابة بالسكري، من المرتبة الثانية عالمياً إلى المرتبة 15، وهذا ظاهرياً يعتبر إنجازاً جيداً، لكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك، فالمتغير هنا خارجياً وليس داخلياً، بمعنى ظهور دول أخرى لم تكن ضمن التصنيف، أو بالأحرى لم تكن تقاس نسبة السكري فيها، وبمجرد قياسها اتضح أنها في مراتب متقدمة جداً، تفوق بكثير نسبة المرض في الإمارات، وفق مبدأ النسبة والتناسب حسب أعداد السكان والمرضى!

في حين بقي الوضع في الإمارات على حاله، فنسبة الإصابة بمرض السكري عالية جداً، ومخيفة جداً، وهي تصل إلى 17% من مجموع السكان، ونحو 23% بين مواطني الإمارات، وهذا يعني أن ربع المواطنين مصابون بهذا المرض!

«ابدأ بالمشي».. هذا هو الشعار الذي يرفعه مركز «إيمبريال كوليدج لندن»، المتخصص بالسكري في العاصمة أبوظبي، والمشي هو بداية الحل والعلاج لكثير من الحالات المتوقع إصابتها بالمرض.

ووفقاً للأرقام فإن المصابين يتجاوزون بمراحل كثيرة الرقم 750 ألف شخص مواطن ومقيم، وهو رقم ضخم جداً لا يمكن تخيل تداعياته وسلبياته على الفرد والأسرة والمجتمع، فضلاً عن كلفته الاجتماعية والمالية والإنتاجية، وهذا ليس كل شيء، بل هناك ما هو أخطر من ذلك، فالمشكلة الحقيقية ليست في هؤلاء المرضى المعروفين الذين يتم التعامل معهم، مع أنهم يشكلون واقعاً صعباً لا يريد أي منهم البقاء فيه، إلا أن الأخطر من ذلك هو وجود ما يزيد على مليون شخص آخر مؤهلين للإصابة بالمرض، وقريبين جداً من دائرة الدخول فيه، ما لم يجروا تغييرات فورية على نمط حياتهم بإشراف طبي!

هؤلاء المعرضون للإصابة بالسكري، يسيرون في اتجاه الإصابة بسرعة، ويحملون المؤهلات كافة للانتقال من مرحلة التأهل لحمل المرض، إلى مرحلة مرضى حقيقيين بحاجة إلى علاج، وجرعات يومية أو أقل، وفقاً لمرحلة الإصابة بالمرض!

وهذه المؤهلات ربما تكون وراثية، أو عائدة في الأرجح إلى نمط حياة خاطئ، وسلوكيات معيشية خاطئة، وبرامج غذائية سيئة، وفي كل تلك الأحوال، فإن أمل الابتعاد عن شبح الإصابة بالسكري قوي جداً في حالة تدارك الأمر، تشاطره بالقوة نفسها الإصابة بالمرض في حالة عدم تدارك الأمر!

ومع هذا، فإن هناك مشكلة أخرى، هل يمكن تخيل أن هؤلاء المليون المرجحين للإصابة بمرض السكري لا يعرفون أصلاً أنهم على بعد خطوات من هذا المرض؟! أو على أقل تقدير لا يعرف معظمهم ذلك، لأن مؤشرات الإصابة بالسكري تحتاج إلى فحوص طبية، يقرأها المختصون، ويدركونها، ومن ثم يبدأون بالنصائح والتوجيه، وتغيير نمط ومسار الحياة من الاتجاه المؤدي إلى المرض، إلى الاتجاه المعاكس، ومعظم هؤلاء المرضى «المستقبليين»، إن جاز التعبير، لم يلجأوا إلى هذه الفحوص!

هذه المعضلة، هي ما يقلق الأطباء والمختصين بمرض السكري، ويقلقهم أكثر نقص التوعية بمسببات المرض وخطورته، وتداعياته السلبية جداً على الإنسان، ما يجعل كثيرين غير مهتمين وغير معنيين بإجراء فحوص دورية لازمة وضرورية، فاكتشافه في مرحلة ما قبل الإصابة يجعل تجنبه أمراً وارداً جداً، وبخطوات علاجية بسيطة، أمّا تمكن المرض من الإنسان، فإن ذلك يعني حياة صعبة لا يتمناها أحد!

«ابدأ بالمشي».. هذا هو الشعار الذي يرفعه مركز «إيمبريال كوليدج لندن» المتخصص بالسكري في العاصمة أبوظبي، والمشي هو بداية الحل والعلاج لكثير من الحالات المتوقع إصابتها بالمرض. شيء قد يكون بسيطاً جداً لو غيرنا نمط الحياة الكسولة التي نعيشها، وقد يصبح السكري مرضاً عضالاً يرافقنا بقية أيام الحياة إن استمر هذا التجاهل للفحوص الطبية المبكرة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر