كل يوم

عفواً باكستان وأفغانستان.. لابد أن نعيد النظر!

سامي الريامي

المصالح هي التي تسيّر العلاقات الدولية، وهناك مبدأ تسير عليه معظم إن لم نقل جميع دول العالم «لا خلافات دائمة، ولا صداقات دائمة، إنما هناك مصالح دائمة»، لا اختلاف على ذلك، ولكل دولة الحق في تقييم مصالحها، والسعي للوصول إليها بشتى الطرق، لا عيب في ذلك، ولا جرم، إنها طبيعة المجتمع الدولي.

ومن هذا المنطلق تحدّد الدول لمن تعطي صوتها في الأمم المتحدة، وفي غيرها من المحافل الدولية، والتصويت على استضافة «إكسبو 2020» لم يخرج أيضاً عن نطاق المصالح، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك دولاً كثيرة صوتت لمصلحة الإمارات، حباً في النموذج الإماراتي كدولة مسالمة، وذات نهج معتدل ومتوازن، وفيها حياة مدنية راقية، يتعايش الجميع فيها بسلام، رغم اختلاف ألوانهم وعروقهم ومذاهبهم.

من حقنا الآن أن نعيد ترتيب علاقاتنا ومصالحنا مع تلك الدول التي تخلت عنا.

ومن أجل تشجيع هذا النموذج وقفت دول مختلفة من مختلف القارات مع الإمارات، بل وشكل عدد منها محوراً مهماً لاستقطاب الأصوات لمصلحة مدينة دبي، ومن هذه الدول الكويت الشقيقة، وبريطانيا، وألمانيا، على الرغم من علاقتها الاقتصادية القوية مع روسيا، إلا أنها فضلت نموذج دبي. إضافة إلى كل من إسبانيا، والبرتغال، والأرجنتين، على الرغم من كون الأخيرة دولة أميركية لاتينية، ولديها منافس لدبي من المنطقة ذاتها!

ومن منطلق لغة المصالح أيضاً، لم تصوت بعض الدول لمدينة دبي، وهذا حق مشروع لا يمكننا أن نعتب من أجله على تلك الدول، لكن أيضاً من حقنا الآن أن نعيد ترتيب علاقاتنا ومصالحنا مع تلك الدول التي تخلت عنا، بالتأكيد لن يحدث ذلك مع الجميع، ولكن مع أولئك الذين كنا نظن أنهم شركاء استراتيجيون وتربطنا بهم علاقات تاريخية قديمة، مثل باكستان وأفغانستان!

هاتان الدولتان لم تصوتا لدبي، على الرغم من أنهما قدمتا تعهدات مكتوبة بدعم ملف دبي والتصويت لها، لكن عند التصويت نكثتا هذا التعهد المكتوب وصوتتا لمدينة أزمير التركية، وكان الجواب عند طلب الاستيضاح منهما، أن لكل دولة مصالح، ومصلحتهما تقتضي ذلك!

لا اعتراض على ذلك، ولكننا نطلب من حكومتنا الآن إعادة تقييم كثير من الأمور الاقتصادية والتنظيمية مع هاتين الدولتين تحديداً، وفقاً للغة المصالح ذاتها، فمن صوت لنا يستحق الدعم أكثر ممن صوت لغيرنا، خصوصاً أن الإمارات لم تكن تنتظر يوماً من باكستان أو أفغانستان أي دعم أو رد لجمائلها التي لا تحصى ولا تُعد، وكان الأحرى بحكومتيهما أن تقدما صوتيهما للإمارات، كأقل واجب يمكن أن يغطي جزءاً من جمائل الإمارات وفضلها عليهما!

بالتأكيد الإمارات كدولة لديها كثير من خطط تقديم المساعدات والمعونات لكثير من دول العالم، وباكستان واحدة من أكثر الدول التي تلقت مساعدات مالية مباشرة وغير مباشرة، وهي واحدة من أكثر بلدان العالم التي تنفذ فيها مشروعات إسكانية وخدمية، وبنية تحتية، بتمويل إماراتي، قبل التصويت على «إكسبو» بسنوات طويلة، والآن يجب أن نعيد النظر في ذلك، ليس انتقاماً من الشعب الباكستاني، بل هو تقييم لمصالحنا أيضاً، وعلى الحكومة الباكستانية أن تقنع شعبها قبل أن تقنعنا، بأسباب عدم التصويت لدولة الإمارات!

الدول عادة لا تبحث عن العمل الخيري في مساعداتها، واهمٌ من يعتقد ذلك، ومع ذلك فالإمارات من الدول القليلة بل النادرة التي تعطي المساعدات دون انتظار أي مقابل، وهي تكرس دوماً العمل الخيري والإنساني، لأن ذلك نهج أسسه وكرسه المغفور له باذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لكن نكث التعهدات، والتصويت ضدنا في استضافة معرض دولي، يفتح مجالاً للشك في علاقاتنا كافة مع باكستان وأفغانستان، فهل ننتظر منهما دعماً في قضايا أكبر، وهما قد تخلتا عنا لتحقيق مصالحهما!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر