مزاح.. ورماح

من برّه هالله هالله..

أحمد حسن الزعبي

قد يدهشك المنظر الخارجي بكل تفاصيله؛ الفستان من «لويس فيتون» Vouitton»، الجاكيت من «ترايسي بويد»، البلوزة من «رالف لورين»، الشنطة من «دولتشي أند جابانا»، الحذاء من «براين آتوود»، الساعة من «قوتشي»، المجوهرات من «غيس»، الماكياج من مجموعة «ماك»، مزيل عرق «جيفنشي»، عطر من «شانيل»، النظارة الشمسية من «ديور»، لكن عند الجوارب تجدها «أم الخمسة دراهم»، باختصار لأن أحداً لا يهتم بالبنية التحتية.

معظم المدن العربية تشبه بعض سيدات المجتمع المخملي «من برّه هالله هالله ومن جوا يعلم الله»، تنسيق وتخطيط، ترتيب، إتيكيت، نظافة، «تكتكة»، تنظيم مروري، لكن من أول منخفض جوي وبمجرّد نزول أمطار عادية أو موسمية، تغرق المدن بسبب غياب الشبكة الحقيقية للصرف الصحي، ببساطة لأن الجميع يهتم بالمنظر الخارجي ولا أحد يهتم بالبنية التحتية، تماماً مثل مثال «الجوارب» للباحثات عن «شهقات الإعجاب» في المثال السابق.

في بريطانيا عُمل نظام صرف صحي منذ عام 1860على يد العظيم «جوزيف بازلقيت»، حيث أصبحت «مجاري لندن» واحدة من العجائب الصناعية السبع في العالم، فقد صمّم هذا الرجل الوطني العبقري شبكة متكاملة قبل 153 عاماً، وفي نيته وحساباته الهندسية أن تكون صالحة لمدة 500 سنة على الأقل، آخذاً في الحسبان التكاثر السكاني، والزيادة الطبيعية، وزيادة الأوزان، واستهلاك الصرف، بسبب سهولة الحياة المقبلة، حساباته لم تخيّب ظنّه، فحتى اللحظة لندن في الشتاء كما هي لندن في الصيف، نظيفة جافة دافئة مثل جفن العين.

ترى كم تدفع الدول العربية على الزينة وجماليات تصميم المدن والجمال العمراني، وفي المقابل هل تقوم بالإنفاق على البنى التحتية تماماً كما تنفق على البنى الفوقية التي تتنافس في ما بينها لحصد «شهقات الإعجاب»؟ كم وزير بلديات، كم بلدية، وأمانة، وعمدة عاصمة، إنجازه الوحيد أنه لم ينجز شيئاً.

نحن في أمسّ الحاجة إلى شخص واحد في كل دولة عربية مثل «جوزيف بازلقت»، يفكر للقادمين بالحماس نفسه والأمانة التي يفكّر بها للحاضرين،

فوطن الغد هو نفسه وطن اليوم.

* شكر وتقدير: أشكر محرك البحث «غوغل» على تغشيشي كل الماركات العالمية المذكورة أعلاه.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر