مزاح .. ورماح

ثـبّت قلوبنا على دينك

عبدالله الشويخ

في لقاء جمع مجموعة من الإعلاميين مع أحد البقية الباقية من «قليل في الآخرين» تحدث كثيراً بإسهاب عن إشكالية الاختلافات بين الاتجاهات الإسلامية المختلفة.. ونمط الاختلاف التقليدي في النظر للقليل الذي يختلفون فيه أكثر من النظر إلى الكثير الذي يجمعهم.. وقال إنه يعتقد أن السنوات المقبلة لن تحمل أشكالاً في الخلافات الفكرية بين المشارب الإسلامية المختلفة.. بل ستحمل اختلافات أكبر، إذ ستكون الخلافات الفكرية بين المؤمنين والمشككين.. وكعادتي حين أحضر مجلساً محترماً قلت بصوت خفيض: «طاخ».. ما لنا وللتشكيك في الدين في الدول الخليجية.. نحن شعوب مؤمنة بالفطرة.. والدليل العبارة التي تسمعها من الجميع كلما ناقشتهم في أمر ما وقلت لهم «تراهنون على أن كذا وكذا»، يهزون رؤوسهم بأسف وهم ينظرون إليك نظرة الأم المعاتبة ويقولون: أستغفر الله!

اقتربت لسبب أو آخر من الجيل الصاعد، الجيل المتعلم.. الجيل الذكي.. الجيل المطلع.. وعادت إلى ذهني نبوءة الرجل الصالح.. فعلاً التشكيك في الدين موجود في أي مجتمع وبنسب ليست خطرة،.. وبالنسبة لمجتمع لم يعرف الثقافة الماركسية فهي نسب غريبة.. بل قد لا أخفي سراً إذا قلت إن أحداً من طلبة الجامعات لن يخفي عليك وجود ثلاثة أو أربعة في جامعته يحملون أفكاراً غريبة، وهم غالباً من «المفكرين» أو «الأذكياء»!

سيصر الكثيرون على التجاهل والانشغال بأن النسبة لا تذكر.. ولن يجرؤ سوى القلة على السؤال.. نعم! لماذا حصل هذا؟ الجواب لسببين رئيسين: الأول هو أن الحاملين لنموذج الدين أولاً لم ينجحوا في تقديم صورة جذابة.. فقد رأينا.. المتسترين بالدين، ورأينا المتاجرين بالدين، ورأينا المنافقين وما أدراك ما المنافقون، ورأينا الخوارج، ومع الشحن الإعلامي الضخم من الآلة الإعلامية الغربية أصبح لدى البعض ردة فعل من كل ما له علاقة بالدين وبحث عن البديل.. والسبب الثاني هو الغرور.. حين يصل الإنسان الذكي لمرحلة يعتقد فيها بقدرة عقله على تفسير كل شيء.. وبقدرته على الحكم في الفرق بين المعجزة والأسطورة.. وما يمكن لعقله استيعابه وما لا يمكنه.. حين لا تعود «وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً» تؤثر فيه.. عندها يكله الله إلى تفكيره! فتبدأ رحلة التشكيك في الدين!

نحتاج إلى مفكرين يمثلون أولاً نماذج حسنة، وثانياً نماذج غير نفعية، وثالثاً مدركين أن هؤلاء هم شريحة من أبنائنا وإخواننا وليسوا أعداء.. ليبدأ نقاش راق وعلمي وروحي.. يعيد الأمور إلى ما كانت عليه في الأيام الجميلة.

يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر