من المجالس

ولا النصف

عادل محمد الراشد

خلال العقدين الماضيين صدر العديد من الدراسات الميدانية والأكاديمية لرصد مستوى إنتاجية الموظف في مؤسساتنا الحكومية، وعلى اختلاف مُعدّي هذه الدراسات والبحوث، واختلاف الفترات الزمنية التي أجريت فيها، فإنها اجتمعت على أمر واحد، وهو قلة متوسط المردود الذي يقدمه الموظف للجهة التي يعمل لديها، وتواضع الوقت الذي يقضيه في أداء عمله مقارنة بساعات العمل، لكنّ قليلاً من تلك الدراسات تجاوز مرحلة تشخيص الحالة وقدم وصفات علمية وعملية لتغيير مفهوم الوظيفة الحكومية وإعادة صياغة ثقافة العاملين في المؤسسات الحكومية. ولو تجاوزت بعض تلك الدراسات مهمة الإشارة الى الخلل وعرضت جملة من الحلول والمقترحات العملية فإنها غالباً ما انتهت الى ملفات الحفظ والتوثيق من دون أن تتلقفها جهات مختصة لتترجم توصياتها وتستفيد من أفكارها.

لا شك في أن عمل أغلب المؤسسات الحكومية تطوّر في الشكل والأداء الإداري، لكن، باستثناء جهات الخدمة ذات العلاقة المباشرة بالجمهور، فإن مستوى انتاج الموظف في بقية الدوائر والوزارات لايزال بعيداً عن المعدلات الدولية، بل لا يتناسب البتة مع عدد ساعات الدوام الرسمي. ولم تفلح عملية تمديد ساعات العمل الى الساعات الأخيرة من النهار في زيادة مناسبة في الإنتاج بقدر ما أحدثته من آثار اجتماعية سلبية، كما أن الكثير من مقاصد ودروس الدورات التدريبية التي تخصص لها الميزانيات تصبح بطيئة الأثر بسبب قلة الممارسة وبطء دورة العمل وعدم تفاعل الموظف معها.

كلما ذكرت الجودة قيل «بالكيف لا بالكم»، ولا يغادر هذا المعنى وقت الدوام الرسمي. وأحسب أن الاحتجاج بزيادة ساعات الدوام الى المعدل العالمي لا يعني بالتبعية زيادة معدل الإنتاجية الى المعدل العالمي.. ولا حتى نصفه.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر