مزاح.. ورماح

«أعطني كوفية فدائي فلسطيني»

عبدالله الشويخ

مثل الكيما والبراتا والكرك، أصبحت برامج البث المباشر أساساً للوجبات الصباحية لدينا، وعلامة فارقة في الإعلام الإماراتي، سواء كنت من الذين لا يحبون أن «يخوزون» من أمام أبوعمر، أو من محبي الصوت الشجي لابن خصيف، أو متابعي البث المباشر في أبوظبي والشارقة بكادرهما الصديق الموغل في العمل الإعلامي، وفي سرقة قلوبنا بحسن الطرح والمساعدة!

بين فترة وأخرى أتصل بمنسق برنامج البث المباشر في الشارقة الزميل فيصل عبدالهادي لأتوسط لأحد المشتكين أو لأحصل منه على رقم مسؤول ما أو في أحيان قليلة لأزعجه فقط! وعندما كنت ناطقاً باسم دائرة خدمية في الشارقة كان يتصل بي بشكل يومي، وهو دائماً عملي ورسمي ومتعاون إلى حد «التواطؤ»، يعطيك فرصة لتجهيز إجاباتك ويحل تحت الهواء أكثر مما يحل من إشكاليات على الهواء، لكنه دائماً بالثبات والهدوء ذاتيهما!

لذلك فقد كان من الطبيعي أن أستغرب كثيراً عندما اتصل بي قبل يومين وهو يبكي وفي قمة التأثر، ففيصل الذي قضى نحو ثلاثين عاماً في العمل الإعلامي في الشارقة ربما كان يتوقع أن يتم تكريمه بشهادة أو ترقية أو عبارة شكر، أما أن يفاجأ بحاكم الإمارة على الهواء مباشرة يثني عليه ثم يمتد بسرده التاريخي المعروف إلى تعريفنا وتعريف المستمعين جميعاً بوالد فيصل، فذكر أنه كان من معارفه وكان من الفدائيين الفلسطينيين، ويا لها من كلمة كدنا ننساها، فالآن لا نسمع سوى مشتقات القتال والإرهاب والسلام، ونسينا تلك الموسيقى الجميلة لكلمة «فدائي» بكل العروبة والمخاطرة والإغراء اللذين تمثلهما! وأكمل سمو الشيخ روايته بأن أثنى واسترحم على الأب وأثنى على الأبناء، وكان ذلك أكثر مما يتحمله «فيصل»! أكثر بكثير!

من بين دموعه وشهقاته كان يحكي لي كيف أنه لم يكن ينتظر من جهة ما أو أحد ما أن يعيد شرف الفدائيين ويثني عليهم بعد كل هذه الأعوام، لكن الشهادة كانت من حيث لا يحتسب، وأي شهادة هي تلك التي تأتي من الذين عشقوا التاريخ حد المشاركة في صناعته! قال فيصل كلاماً كثيراً لم أفهم أغلبه بسبب عاطفيته المفرطة في تلك اللحظة! ولكني سمعت فيه فتى أضاع ملامح وجه أبيه، فأعادها الشيخ إليه معطرة بذكرى وشكر، ودرس في الوفاء!

كان فيصل يريد أن يشكر من أعزه، لكنها لحظات تختبئ فيها القدرة على التعبير.. خلف الكوفية!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر