كل يوم

أسوأ الكذب!!

سامي الريامي

أسوأ الكذب هو ذلك الذي يقوم على نصف حقيقة، ففيه يمزج الكاذب معلومة صغيرة صحيحة، بتجاوز وتدليس وتأليف كبير، ليمرّر سمومه، وينفّذ أجندته، فيكون أكثر إقناعاً، وأقرب للتصديق، وغالباً ما تنطلي كذبته على شريحة كبيرة، إلا ما ندر من متابعين أو مهتمين أو أصحاب اختصاص!

هي ملاحظة عامة، واضحة بشكل شديد في كثير من المنتديات والمواقع المتطرفة في التوجيه والمقاصد، والمبرمجة لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة والمُعادة صياغتها بشكل سيئ متعمد، يهدف وبشكل رئيس إلى التضليل والتشكيك وإثارة الفتن بأسلوب التحريض غير المباشر!

المواقع الإلكترونية المتطرفة انتشرت بشكل واضح في هذه الفترة، لتوفر المساحات والأساليب الحديثة التي أعطت مثل هؤلاء الكاذبين فرصة العمر الحقيقية لتوسيع دائرة الكذب بشكل كبير، وبسهولة متناهية، فالمسألة لا تحتاج إلى جهد أو مال، كل ما في الأمر انتقاء أخبار من وسائل إعلام تقليدية موثوقة وذات صدقية، وإعادة كتابتها بكلمات منتقاة، وإبراز وتضخيم الجزء القابل للتضخيم، بشكل سيئ متعمد، ليختلط دم الصدق بالكذب، وتصبح الخلطة جاهزة للتصدير والنشر، لتسقط ادعاءات الصدقية والمبادئ والقيم السامية التي يختبئ خلفها أولئك المزوّرون.

الصدقية هي الرهان الحقيقي الذي يضمن للصحافة استمرارها وتفوقها على وسائل التواصل الاجتماعي وما يعرف بإعلام المنتديات، وبما أن الصحافة متفوقة وبمراحل طويلة، متسلحة بالقوانين والتقاليد الصحافية، والمهنية، فإنه لا مجال لانتشار هؤلاء سوى الاعتماد على النقل من هذه الصحافة الموثوق بها، ودس الدسائس بعد التزوير والتقديم والتأخير والانتقائية والقص واللصق، ثم النشر نقلاً عنها لضمان وصول المعلومة الكاذبة إلى أكبر شريحة ممكنة، خدمة لأغراض غير نبيلة.

الأمثلة على ذلك كثيرة ومتكررة بشكل يكاد يكون شبه يومي، سواء في مواقع خبرية سيئة النية معروفة التوجه، تحمل أجندة واضحة قائمة على التشكيك والتحريض ضد كل ما هو جميل، أو في «مغردين» على «تويتر» يتبعون أسلوب الكذب نفسه، لأنهم في الغالب ينتمون إلى المدرسة ذاتها!

ضرر هؤلاء سيكون شديداً على الصحافة وعلى المجتمع بأسره، فهم بذلك يسعون إلى خلق بلبلة بين الصحافة وصانعي القرار، تهدف إلى تقليل الثقة بالصحافة، ما يجعلها تفقد دورها الحيوي والحقيقي بالإسهام في تطوير وبناء المجتمع، وتحقيق التنمية من خلال إبراز الجهود الإيجابية بهدف تعزيزها، والنواقص والسلبيات بهدف تجاوزها وتعديلها وتطويرها، ولن تنجح الصحافة أبداً إن مارست جانباً واحداً فقط من هذين الجانبين!

لا شك في أنهم واهمون، فالصحافة لها وزنها ودورها الذي يؤمن به المسؤولون في الدولة، وهي كانت ومازالت رافداً من روافد تطور الدولة، وجميع قضاياها المطروحة، سواء الإيجابية منها أو السلبية، قائمة على حسن النية، وبهدف خدمة المجتمع، أو شريحة منه، بشكل أو بآخر، ولعل هذا ما يؤرقهم لأنهم سيئو النية، ولا يريدون للمجتمع الخير والتطور، لأن تطور المجتمع دليل على نجاح الدولة، في حين أن هدفهم الرئيس هو إثبات عكس ذلك، غير أنهم يحصدون الفشل تلو الفشل!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر