مزاح.. ورماح

«على البركة»

عبدالله الشويخ

دعيت إلى حضور حفل زفاف لزميل من الجاليات العربية المقيمة في الدولة، ففاجأني قبل دخولي إلى صالة العرس أخو (المعرس)، وهو يحمل في يديه «آيبود»، بسؤالي عن اسمي، فكرت للحظة أن أعطيه اسم أحد كبار الشخصيات من باب «زلمه ما يعرف بتمشي عليه»، لكني خشيت فعلاً أن تكون تلك الشخصية موجودة في الحفل، فأقضي ستة أشهر في «فندق العوير المركزي»، بتهمة انتحال صفة الغير، أعطيته اسمي وأقسمت له بأن كارت الدعوة في السيارة، «تشسح» قليلاً بيده على الـ«آيبود»، ثم قال لي بلهجة آلية: الطاولة رقم «8» آخر وحدة على اليسار في الصف الأول، سيكون معك فلان وفلان وفلان.. فاجأني حسن اختيار وتنظيم الجلوس فعلاً الشخصيات المذكورة محببة جداً إلى قلبي، ولم ألتق معها منذ فترة، وموقع الطاولة يناسبني جداً لأسباب لا مجال لذكرها علناً! تذكرت طريقتنا في إعداد واستقبال الضيوف في أعراسنا، والتي لا تحمل سوى عنوان واحد «على البركة».. وربما «خلي الناس تتعرف على بعض»!

في مشهد آخر جاءني أحد الزملاء الغربيين يسأل عما إذا كان فحص «السونار» الاختصاصي لعظام الجنين مشمولاً بالتأمين الصحي أم لا؟ سألته عن السبب، فأخبرني بأن زوجته قد تجاوزت الـ،40 وأنهما ينتظران «خبراً سعيداً»، وفي هذه السن تكون نسبة وجود «متلازمة داون» لدى الأجنة أكبر، فيمكنهم التصرف قبل تَكوّن الجنين عن طريق فحص عظمة معينة في الوجه.. مرة أخرى استدعى وجهي تعبير البلاهة وأنا أتذكر «جماعتنا»، عندما نطالبهم بإجراء فحوص طبية أثناء الحمل، فلا تسمع من الجارات والزميلات سوى عبارة: «اللي من عند الله خير».. والسخيف أنهن يقلنها وهن يدّعين «الخجل»!

اسحب على هذا القياس بيوتنا التي لا يوجد في كل ستة «فرجان» منها طفاية حريق واحدة من باب «لا يمنع حذر من قدر»، وشبابنا الذين يرتدي واحد من كل 300 منهم حزام الأمان من باب «إن قدر الله إذا جاء لا يؤخر»، ودوائرنا الحكومية التي ليس بها خطط استراتيجية أو خطط طوارئ أو مؤشرات أداء من باب «شعارنا هو التبسيط في الأداء»!

ليس هناك ما هو أجمل من «البركة»، وليس هناك من يؤمن بـ«القضاء والقدر» مثلنا، هذا صحيح، لكن هذا الأمر لا يتنافى مطلقاً مع التطوير والتخطيط السليم وأخذ الحيطة لكل شيء وحساب الأمور.. ومع الأسف «جماعتنا» لا يؤمنون بالتخطيط الاستراتيجي وأخذ الحيطة، إلا في أعداد «الذبايح» عملاً بالحكمة «الدهينة»: «يزيد ولا ينقص يا بوفلان»!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر