كل يوم

حقوق المواطنة.. والوظيفة

سامي الريامي

لا اعتراض أبداً على استقطاب الكوادر الطبية المتخصصة في المجالات النادرة، ولا اعتراض أبداً على جذب هؤلاء بالمخصصات والمزايا المالية، فالأطباء والاستشاريون عملة نادرة يجب جذبها، بغض النظر عن جنسياتهم، ولولا المحفز المالي فلن يترك هؤلاء بلدانهم لينضموا إلى مستشفياتنا.

نتفهم ذلك، بل ونؤكده، فالإغداق على استشاري متخصص أهم بكثير من صرف الرواتب العالية لمديري شركات عقارية أو غيرها، وحقيقة يجب ألا نغفلها أن رواتب ومخصصات الأطباء في الإمارات، سواء كانوا مواطنين أو من الإخوة الوافدين، قليلة جداً مقارنة مع حجم عملهم، وأهمية وجودهم، ولذلك كانت الزيادة التي أقرها رئيس الدولة لهم.

شخصياً، لا أتفق مع من يطالب بزيادة رواتب الأطباء فقط، كما لا أتفق مع زيادة عامة للوافدين منهم ضعف المواطنين، ولكن مع أن تكون الزيادة على حسب أهمية وندرة التخصص، فالطبيب سواء كان مواطناً أو وافداً هو في النهاية ينقذ روحاً، ومهنته حساسة ومهمة، ومع ذلك فإني أقف بشدة في صف جميع المواطنين الذين استفزهم تصريح وكيل وزارة الصحة، خالد لوتاه، لـ«أستوديو واحد» في إذاعة أبوظبي، حين قال إن المواطنين يحصلون على أراضٍ ويتعلمون مجاناً ويلتحقون بالدورات مجاناً، ما يعطي الطبيب الوافد أفضلية في الحصول على زيادة بنسبة أعلى!

عفواً، لقد اختلطت الأمور على وكيل وزارة الصحة، وخلط بطريقة، ربما تكون غير مقصودة، بين الحقوق التي يحصل عليها المواطن كونه مواطناً، والحقوق الوظيفية التي يحصل عليها كونه صاحب مؤهل، فلا علاقة لوزارة الصحة بالأراضي، وهي حق مكتسب يحصل عليه المواطن سواء كان طبيباً أو مدرساً أو موظفاً أو سائقاً، إنها جزء من حقوق كفلها دستور الدولة، ورعاها أصحاب السمو حكام الإمارات، مثلها مثل التعليم والصحة اللذين يعتبران في كل دول العالم من أساس واجبات الحكومات.

الإخوة الوافدون، الأطباء وغير الأطباء، كذلك، لديهم أراضٍ وبيوت وشقق في بلدانهم، وهذا حقهم الطبيعي، فلا يجب مثلاً علينا خصم قيمة إيجار المنزل الشخصي الذي يملكه الوافد في بلده إن كان استثمره في فترة عمله لدينا، بحجة أنه يحصل على بدل سكن في الدولة، لا علاقة لنا بحقوقه مواطناً في بلده، بل بحقوقه الوظيفية في الدولة.

تصريحات خالد لوتاه أخرجت الموضوع من سياقه، ليدخل للأسف عند كثيرين في ثنائية المواطن والوافد، هذا الملف الذي لا ينبغي فتحه بهذه الطريقة، فالأطباء الوافدون يقدمون للدولة ولنا ولأطفالنا وأهالينا خدمات جليلة، ولا يمكننا أبداً الاستغناء عنهم، والأطباء المواطنون في الدولة لا يتجاوز مجموعهم 450 طبيباً، والإمارات تحتاج إلى 2200 طبيب.

ينبغي الاهتمام بالأطباء بشكل عام، ولا مانع من الإغداق عليهم مالياً ومعنوياً، من دون تمييز، فنحن بحاجة إلى الجميع، والقصة لا يجب أن تدخل في زاوية المواطن والوافد، فالوافد هنا استشاري متخصص تفتح له جميع الدول أبوابها، والمواطن هنا اختصاصي ذو تخصص مطلوب مجتمعياً، تحتاج إليه الدولة أكثر من غيره.. لا نوافق بالتأكيد أن تكون الزيادة بشكل عام 150٪ للوافدين و100٪ للمواطنين، ولكن لا مانع من زيادة الجميع كل حسب تخصصه ودرجته العلمية.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر