أقول لكم

محمد يوسف

مساوئ البشر لا تختفي، الإنسان لا يكون إنساناً إذا نظف من كل الشرور، الشيطان موجود، والطمع موجود، والجشع موجود، وحبّ التملك موجود، وحبّ السيطرة موجود، كل هذه الصفات السيّئة موجودة مع وساوس إبليس وتزيينه طرق الانحراف، والأوروبيون ليسوا منزّهين عن الخطأ، بل هم الذين انتزعوا الكثير من القيم من قلوب أجيالهم اللاحقة، حتى ظنوا أن الخروج عن المألوف وما أقرته الشرائع هو الأصل وهو الحق، واعتقدوا أن ما استقروا عليه يجب أن يطبق على الآخرين.

وعندما أتحدث عن الأوروبيين، وأقول إنهم أصبحوا قدوة ومحط أنظار غيرهم، فلابد أن أوضح المقصد، حتى لا يذهب من يقرأ كلامي إلى غيره، فكان لابد من تلك المقدمة اليوم، وبعدها نذهب إلى العاصمة النرويجية أوسلو، سنترك مردوخ وقضيته إلى يوم آخر، فهناك في أوسلو جرت مذبحة، ونحمد الله أنها لم تصدر عن منحرف مسلم، لكُنا رأينا وسمعنا العجب، هناك ارتكب الجرم وفجّر معسكر الشباب ومقرّ الحكومة، شخص نرويجي قيل إنه يميني متطرف، وهذا تعريف المتدين عندهم، وهو عادة متدين فهم الدين من منظوره الخاص، أو استقى التعاليم من رجال دين وفلاسفة لهم نظرتهم تجاه المجتمع القائم، وتختلط عندهم مفاهيم الخير والشر، والإيمان والكفر، والصلاح والفساد، وينصبون أنفسهم قضاة وجلادين، يُقصون من يقصون، ويقتلون من يقتلون، وهو، أي مرتكب الجريمة المتطرفة، نرويجي «أصلاً وفصلاً»، دمه نقي لم يتلوث بدم مستورد، وكاره للأجانب، خصوصاً المسلمين، ومع ذلك اعتدى على أبناء شعبه وليس على الآخرين.

هذا شاب أوروبي، فأوروبا مازالت بشرية، فيها الجيد والسيئ، فيها الملتزم بالقوانين والمخالف، وفيها من يحترم المبادئ الأخلاقية ومن يعتدي عليها، مثلنا تماماً، مثل عالمنا المتهم بالتخلف، لكنهم يملكون حقوقاً قد توافقوا عليها، ولهذا لن تعيدهم أفعال بعض المجرمين إلى الخلف، سواء كان المنحرف يمينياً متطرفاً، أو صاحب استثمارات يريد أن يزيد من حصيلته السنوية، مثل مردوخ.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر