كل يوم

هل هي حقاً ركيزة اقتصادية؟!

سامي الريامي

أعلنت هيئة استثمارية في إمارة من الإمارات عن إصدارها ما يقارب 500 رخصة تجارية خلال أربعة أشهر، وقالت في بيان لها مفاخرة بإنجازاتها، إن عدد الرخص التجارية التي تم إصدارها منذ إنشاء الهيئة تجاوز ،4000 ما يضعها بثبات على طريق النجاح، ويجعلها إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال استقطاب المستثمرين من أنحاء العالم.

وإذا كان النجاح يقاس بعدد الرخص التجارية التي تصدرها هيئات الاستثمار في المناطق الحرة المختلفة في الدولة، فتأكدوا تماماً أننا نستطيع تجاوز الدول الصناعية السبع خلال فترة وجيزة، خصوصاً بعد أن نجمع عدد الرخص التجارية التي تصدرها المناطق الحرة في الدولة كافة، التي جُهلت أعدادها من كثرتها!

لست اقتصادياً، ولا أعرف بالضبط كيف يمكن أن تصبح المناطق الحرة في الدولة ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية، لكن ما أعرفه، وما هو متأكَد منه، وفقاً لحالات سابقة وقضايا كثيرة، أن هناك خللاً كبيراً في مفهوم المناطق الحرة في الدولة، والأكثر من ذلك أن التجربة، بل التجارب، أثبتت أن ضرر معظم هذه المناطق، حتى لا أقع في خطأ التعميم، يتجاوز فائدتها على الاقتصاد الوطني، وعلى الحياة الاجتماعية بشكل عام.

لن أذيع سراً إن قلت إن أعداداً كثيرة جداً من المستثمرين في هذه المناطق، ليسوا كذلك، ولا تربطهم بالاستثمار الحقيقي أية صلة، بل هم مستفيدون من الفوضى التنظيمية في هذا القطاع بصورة أو بأخرى، وكل من لديه موهبة في التحايل، يبدأ طريقه من مكتب صغير في منطقة من المناطق الحرة المنتشرة في كل بقاع الدولة!

ولن أذيع سراً أيضاً إن قلت إن هناك كثيراً من التحايل من خلال مكاتب وهمية في تلك المناطق، مهمتها الرئيسة المتاجرة في التأشيرات، وهذا الأمر معروف وواضح، وأعلنت عنه الجهات المختصة مرات عدة، إلا أن الباب لايزال مفتوحاً، والتجاوزات موجودة، وتجار التأشيرات لايزالون يبيعونها عن طريق المناطق الحرة، وإدارات المناطق تفتخر بإنجازاتها وتسميهم مستثمرين من مختلف دول العالم!

كل ما في الأمر إيجار سنوي، ورسوم إصدار وتجديد، ومبالغ زهيدة لا تقارن أبداً بحجم الضرر الحقيقي الذي يقع على الدولة جراء انتشار هذه المناطق، ما يستوجب إعادة النظر فيها، أو على أقل تقدير دراستها بشكل جدي وواقعي!

لابد من دراسة تأثير المناطق الحرة في اقتصاد الدولة وتركيبتها الاجتماعية، وتأثيراتها الأمنية أيضاً، من قبل جهة اتحادية، فإذا كانت نتيجة الدراسة مؤيدة لبيانات إدارات تلك المناطق ومفاخرتها بإنجازاتها وزيادة رخصها التجارية الصادرة، فليعمل الجميع على دعمها من أجل زيادة مستثمريها وأعداد رخصها، أما إن كانت سلبيات تلك المناطق أكثر من إيجابياتها، فلابد من إعادة تشريعاتها، وتنظيمها اتحادياً بما يتوافق مع سياسة الدولة ومصلحتها الاقتصادية والوطنية، وهذا هو الأهم والأسمى، فلا مصلحة يجب أن تعلو فوق مصلحة الوطن.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر