5 دقائق

(قطعة..!!)

عبدالله الشويخ

يتعامل مجتمعنا مع المرأة بشكل غريب فعلاً، وتظهر علامات هذا التعامل غير الصحي منذ البداية، فلو كانت المرأة جميلة ومرت بجوار «بسطة» شباب فإن أول تعليق ستسمعه من أحدهم هو «قطعة!»، تخيل غرابة التشبيه، كنا نسمع في قصائد نزار وفي أعمدة الزميل حازم سليمان عن تشبيهات غريبة على غرار رائحة البن المحترق، وصوت العطر وضجيج الحنين.. إلخ. ولكن «قطعة» هذه صعبة البلع قليلاً، من الممكن أن أفهم إطلاقها على رفراف كورولا أو على كنبة تتحول إلى سرير في «هوم سنتر»، أما أن تطلق على كائن من لحم ودم بل وجميل أيضاً فهذا ما يدعونا إلى مراجعة ما يسمى بالوجدان المحلي مرة أخرى.

ليت الحكاية تتوقف هنا، فالقطعة هي مرحلة فقط، أما إذا كان جمال تلك «القطعة/المرأة» من النوع المزعج الذي يدير رؤوس البعض ويسبب حكة في مؤخرة الرأس لدى البعض الآخر، فإن التسمية التي تطلق عليها في هذه الحالة هي «صاروخ»، وهذا الأمر منتشر بشدة وستسمع تلكم العبارات في أي زنقة في المدينة، هل رأيت الموظفة الجديدة، إنها صاروخ؟ سكنت في بنايتنا صاروخ جديد! ما اسم الصاروخ الذي كان يقف معك في المؤتمر؟ ودواليك.

ومن المصطلحات الواردة حديثاً ما يكمل سلسلة القطعة والصاروخ، تسأل زميلاً عن زميلة جديدة وعن رأيه «المهني» فيها فيكتفي بثلاث ثوانٍ من الصمت ثم يجيب بكلمة واحدة «دماااار»، وعندما تحوقل وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم يوضح لك أنه لم يكن يقصد أنها سيئة بل إن كلمة «دمار» يقصد بها أولئك النسوة اللاتي يتجاوز جمالهن الرقم 10 على مقياس ريختر.

الفقير لله لا يدعي أن لديه خبرة في هذا المجال، فلم أكن مخازلجياً ولا مصمم أزياء، ولكن ونحن نحتفل في هذه الأيام بيوم المرأة العالمي، ألا يمكن أن نقول إن هذه القوارير لا ترغب في هذه الاحتفالات والموسيقى الصاخبة والتكريمات بقدر ما ترغب حقيقة في نظرة محترمة وواعية لها ولدورها في المجتمع، هل ستسعدها قلادة من الزجاج أكثر من أن يسعدها ألا تسمع بعد اليوم في مجتمعنا من يساوي بينها وبين الجمادات في الوصف والتعامل.. في الفظاظة الخيل!

كنت أعبث بجهاز التحكم الخاص بالتلفاز متنقلاً بين أعلى الهرم الإعلامي العربي وقاعدته بين قناتي الجزيرة والفضائية الليبية محاولاً نسيان مأساتي، حيث لم يسمح لي المنظمون لقمة الإعلام في أبوظبي بالدخول رغم وعودهم السابقة في العام الماضي لجميع الصحافيين المحليين بالحضور في هذه الدورة، خصوصاً بعد أن وجهت إليهم انتقادات كبيرة في الدورة الماضية لعقدهم قمة للإعلام من دون حضور الإعلاميين. المهم أنني في محاولتي للنسيان أثناء نشرة أخبار المساء سمعت عبارة تقول بأن كتائب القذافي تقوم بتحريك «قطعها» وتوجيه «صواريخها» نحو مدينة بنغازي، ما يهدد بنشر «دمار» كبير.

ولكن ما لم أفهمه تماماً، لماذا كان أهل بنغازي غاضبين من ذلك؟

shwaikh@eim.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر