كل يوم

الوسيلة ليست بأهمية النتائج..

سامي الريامي

لا تعارُض أو تناقُض بين مقال الأمس، الذي نقلت فيه استراتيجية وزارة العمل الجديدة القائمة على إقناع القطاع الخاص بتوظيف المواطنين، من دون إجبار، وبين مقالات سابقة كتبتها عن ضرورة إجبار الشركات الكبرى على الالتزام بنسبة توطين محددة، فأنا شخصياً وغيري كثيرون، مازلنا نؤمن بأن إلزام القطاع الخاص بنسبة توطين محددة، هو الطريقة المثلى لتوظيف المواطنين في مختلف قطاعات الأعمال، مستندين في ذلك إلى تجربة التوطين في المصارف، بعد أن تم فرض نسبة سنوية ثابتة، كانت نتيجتها انخراط أعداد كبيرة من المواطنين في مختلف البنوك والمصارف.

ولكن هذا لا يعني أن الإجبار هو قرار صائب في كل جوانبه، والشراكة بالإقناع هي خيار غير صائب، والعكس أيضاً صحيح، ليس هذا مهماً بقدر أهمية وجود استراتيجية تعمل عليها وزارة العمل بشكل علمي مدروس ومخطط له، وبشكل عملي وواقعي يراعي كل التوازنات، ويضمن في نهاية الأمر توظيف عدد أكبر من المواطنين في كل القطاعات الموجودة، لا يهم الأسلوب والطريقة التي يفضل المسؤولون في وزارة العمل اتباعها، فهم الأدرى بكل تفاصيل وخبايا القطاع الخاص، المهم النتيجة التي سنحصل عليها جراء هذه الاستراتيجية.

لاشك في أن تدريب وتأهيل المواطنين خطوة في غاية الأهمية حتى يصبحوا مؤهلين لانتزاع الوظائف، ولكن ماذا سنفعل حيال وجود منافسين من جنسيات مختلفة يحملون المؤهلات ذاتها، ويوافقون على العمل في الوظيفة نفسها برواتب قليلة، لا يستطيع المواطن القبول بها؟ هل سنستطيع في هذه الحالة إقناع القطاع الخاص بعدم توظيف الأجانب، وتوظيف المواطنين برواتب أعلى؟

«نعم نستطيع»، هذا ما قاله مسؤول مهم في مجلس أمناء هيئة «تنمية» الذي تم تشكيله بقرار مجلس الوزراء، إذ يرى أن ذلك ممكن من خلال نظام حوافز تقرّه وزارة العمل، ومن خلاله تتم إعادة تصنيف المؤسسات، وتطوير النظام الحالي، ووضع ثلاثة مستويات؛ يحصل أصحاب المستوى الأول على حوافز كبيرة أهمها خفض الرسوم، والعكس تماماً ضد الشركات الواقعة في المستوى الثالث، حيث تتضاعف عليها الرسوم، وتطبق عليها غرامات ونقاط سوداء، والباب مفتوح أمام الجميع، من أراد الحوافز فليسع إليها، ومن يُرِد الغرامات فليبتعد عن تطبيق المواصفات والقرارات التي تضعها وزارة العمل وفقاً للتصنيف، الذي لاشك في أنه سيضع التوطين في مقدمة الأولويات.

طريقة أخرى لإقناع الشركات الخاصة بالتوطين هي تحرير السوق، بمعنى إجراء تعديلات على نظام الكفيل، بحيث يتم رفع احتكار أرباب العمل الموظفين الأجانب، فالموظف الذي يملك حرية التنقل، سيؤدي بالضرورة إلى رفع راتب الوظيفة التي سيشغلها، وعندما تصبح كُلفة الوظيفة للموظف الوافد مساوية للمواطن، فهذا يعني عدم وجود مانع أو عائق من إعطائها للمواطنين، نظام الاحتكار السابق أدى إلى هبوط مستوى رواتب القطاع الخاص، وتعديله مهم لرفع مستوى الأجور، فالاحتكار في السلع يرفع قيمتها، بينما احتكار البشر يقلل قيمتهم!

خياران فقط ساقهما على سبيل المثال مسؤول المجلس، وهناك العديد من الخيارات والقرارات التي تعدها وزارة العمل بناء على دراسات مستوفاة ومستفيضة، سيتم الإعلان عنها في وقتها، لدعم مبادرة التوطين في القطاع الخاص خياراً وليس إجباراً، والمؤشرات الأولية التي يملكها المسؤولون تشير إلى إمكانية الوصول إلى نتائج مهمة في مجال التوطين في حال تطبيقها، ونحن بدورنا لا نملك إلا أن ندعم كل المبادرات الرامية إلى تحقيق مصلحة عامة.

reyami@emaratalyoum.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر