‏‏

‏أقول لكم‏

محمد يوسف

مخطئ ذلك الذي يقول إن هناك بدائل كثيرة لمستشفيات بانكوك، وقد ناقشته كثيراً يوم أمس، فهو يتحدث عن سنغافورة تارة وعن ميونيخ تارة أخرى، وعن بعض الدول العربية المتقدمة طبياً، كما يقول، ويصرّ على أن الذين يذهبون إلى بانكوك يمكنهم أن يذهبوا إلى أي مكان آخر، وينسى أن من جمع بضعة آلاف من الدراهم من هنا وهناك، وقطع تذكرة على شركة طيران متواضعة، وسكن في فندق «زينيت» أو شقة متوسطة الحال بالقرب من أحد المستشفيات، يختلف عن ذلك الذي يملك عشرات الآلاف وبإمكانه أن يستغني عنها، فالأسبوع مع العلاج في هذه المدينة لا يصل إلى عُشر المبلغ المطلوب لمدينة مثل سنغافورة أو بيروت أو عمان، وسيحتاج إلى 100 ضعف إذا فكر في أوروبا، وحتى الهند التي كانت إلى وقت قريب مقصد الفقراء للعلاج، تكلفتها لا تقل عن ثلاثة أضعاف تكلفة بانكوك، وهي التي يوجد فيها يوم إعلان حالة الطوارئ، وبحسب القائم بأعمال سفارتنا، نحو 4000 مواطن، وهذا رقم كبير بالنسبة لنا عندما نقارنه بعدد المواطنين، ومثل هذا الرقم لا تعالجه مستشفياتنا الحكومية مجتمعة في سنة، بينما يستطيع المستشفى الذي يسمى الأميركي في بانكوك، أن يستوعبهم على مدى يومين فقط، فهو يستقبل كل يوم 2000 مراجع فقط لا غير، من دون أن يسمع أي شخص هناك شكوى أو امتعاضاً من العاملين، الذين هم مثل خلية النحل في أقسامه المترابطة وكأنها سلسلة لا تنفصم!

لقد تحدث زميلنا سامي الريامي قبل أيام عن ذلك الكرسي المتحرك الذي يسير إلى الخلف في أحد المستشفيات المحلية، وهو يسرد حكاية «التواء» رجل الزميل المحسود ظاعن شاهين، وتطرق إلى تبرير المسؤولين بإلقاء اللوم على الإنجليز الذين كانوا يصنعون كراسيهم المتحركة بعجلات خلفية، ولكن كل من قرأ تلك الواقعة خرج بانطباع واحد، هو أن خدماتنا الطبية كلها تسير في الاتجاه المعاكس، بعكس الطبيعة التي تفترض أن تتقدم، هي تتأخر، وبعكس الطموح الذي وضعته قيادتنا من خلال رصد الميزانيات الكبيرة هي تتراجع، وبعكس التطور والعلم والتقنيات هي تسير بنا إلى الوراء، ولهذا نجد 4000 مواطن في بانكوك في هذا الوقت و10 آلاف بعد انتهاء المدارس وطوال أشهر الصيف يوجدون في الوقت نفسه هناك، فهذه المدينة تستوعب مَنْ يبحث عن علاج وإمكاناته «على قده»!‏

mayousef_1@yahoo.com

 

 

تويتر