الاتحاد الأوروبي يدرس تهديدات الخاصية الجديدة للمستخدمين.. ومحامٍ أميركي رفع دعوى قضائية

تقنية «فيس بوك» للتعرف إلى الوجوه تثير قلقاً من «توظيف أمني وتجاري» وانتهاك للخصوصية

اتهامات لـ«فيس بوك» بتجاهل مخاوف المستخدمين والخضوع لطموحات المسوّقين الباحثين عن مزيد من الأرباح. أرشيفية

تجاهل موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي رغبات ومخاوف مستخدميه، وخضع لضغوط وطموحات المسوّقين والباحثين عن مزيد من العائدات والأرباح، إذ بدأ في 19 ديسمبر الجاري التشغيل التجريبي لتقنية «التعرف إلى الوجوه»، وتحديد هوية أصحابها داخل الولايات المتحدة، كخطوة أولى لتطبيقها عالمياً، في ما يعد خطوة إضافية نحو تفكيك سلوكيات ما يزيد على مليار شخص لهم صورة مسجلة في قاعدة بيانات «فيس بوك»، وقابلة للتحليل والتعرف إليها.

انتهاك للخصوصية

- خوارزمية «فيس بوك» للتعرف إلى الوجوه الأكثر تقدماً مقارنة بما تمتلكه بعض أجهزة الأمن الأميركية.

- نظام «فيس بوك» سيتعرف إلى صورتك وإن كنت تخفي وجهك بيديك في الصورة.

وجاء الإعلان عن هذه التقنية مصحوباً بالعديد من التأكيدات من قبل «فيس بوك»، من قبيل أنها تستخدم للمساعدة في استعادة الحساب في حال فقده، أو نسيان كلمة السر، أو السطو عليه من قبل آخرين، لسبب أو لآخر، أو من قبيل أنها اختيارية، ويمكن إيقافها وتشغيلها ببعض الخطوات البسيطة السريعة.

لكن هذه التأكيدات لم تخفف مطلقاً من موجة الجدل التي اندلعت داخل «فيس بوك» نفسه، وتكاد تجمع على أنها مزيد من انتهاك الخصوصية، ومزيد من التوظيف التجاري، وربما الأمني، للبيانات المتاحة لدى «فيس بوك» عن مئات الملايين من الأشخاص في العالم.

هوية الشخص

تقنياً.. يستخدم مصطلح «التعرف إلى الوجوه» للإشارة إلى التطبيقات ونظم المعلومات التي تتحقق من هوية الشخص، اعتماداً على صورة رقمية أو إطار فيديو تلقائياً، من خلال مقارنة ملامح الوجه من الصورة، والوجه مع صورة، مع وجه موجود في قاعدة بيانات، ويستخدم في هذا الأمر نماذج رياضية «خوارزميات»، تتعرف إلى ملامح الوجه عن طريق استخراج المعالم، أو الميزات، من الصورة، مثل حجم أو شكل العينين والأنف، وعظام الخد، والفك.

وتتبع خوارزميات التعرف نهجين رئيسين: النهج الهندسي الذي يدقق في السمات المميزة، والنهج الإحصائي الذي يركز على حساب القيم، ويقارنها مع قوالب مسبقة لحساب الفروق.

خوارزمية «فيس بوك»

طبقاً لتقرير نشره موقع «تيك كرنش» techcrunch.com، فإن الخوارزمية المستخدمة في نظام «فيس بوك» للتعرف إلى الوجوه، تعد الأكثر تقدماً، حتى مقارنة بما تمتلكه بعض أجهزة الأمن الأميركية، فهي تشكل قالباً لوجه الشخص، من خلال تحليل كل «بيكسل» من الصورة، ثم يقارن الصور التي تم تحميلها حديثاً مع النموذج، انطلاقاً من الاعتماد على العديد من الأشياء غير الوجه، مثل طريقة تصفيف الشعر، وشكل الجسم والحركات، والملابس، وطريقة الوقوف أو الجلوس. وكل ما فعلته في صور سابقة سيقارن مع الصور التي لا يظهر فيها وجهك، ويتم تحديد أنك أنت من في الصورة.

كل هذا يجعل من الممكن أن يتعرف النظام إلى صورتك، وإن كنت تخفي وجهك بيديك، أو تنظر إلى زاوية أخرى، أو حتى إن لم يكن وجهك داخل الصورة، ما يعني أنه بمجرد أن تضيف صورة جديدة لك، وإن لم يكن وجهك فيها ظاهراً، أو كان وجهك مخفياً، فإنك ستجد إشارة تشير إلى أنك أنت من في الصورة.

في السياق نفسه، نشر باحثون ورقة علمية على «فيس بوك»، ورد فيها أن نظام التعرف إلى الوجوه المستخدم من قبل «فيس بوك» يحقق نتائج صحيحة في 97.25% من الحالات، والسبب في ذلك أن النظام يحلل تلك النماذج معتمداً على 120 مليون عامل متغير.

ضبط الإعدادات

وفي إطار التخفيف من حالة الجزع والقلق التي انتابت قطاعات واسعة من المستخدمين، ركزت إدارة «فيس بوك» خلال الأيام الماضية على نقاط عدة، منها سهولة ضبط «إعدادات» الوظيفة الخاصة بتشغيلها وإيقافها، وفي هذا السياق، أوردت صفحة الملاحظات والمنشورات الرسمية على «فيس بوك» أن خطوات الإعداد والتشغيل لهذه الخاصية تتم من خلال التوجه إلى خيارات «الخصوصية» privacy settings، ثم النقر على أمر customize setting، للوصول إلى قسم things other share، وهنا ابحث عن الخيار suggest photos of me to friends، ثم عدل خيارات الخاصية وفقاً لرغبة المستخدم.

أما خطوات الإغلاق والإيقاف للتقنية، فتتم من خلال الدخول إلى حسابك الشخصي على «فيس بوك»، ثم اضغط على Account أعلى يمين الشاشة، ثم Privacy Settings من القائمة المنسدلة. بعد ذلك اضغط على Customise settings، وابحث عن اختيار Suggest photos of me to friends ثم اضغط على Edit. غير بعد ذلك الحالة من Enabled إلى Disabled ثم احفظ الإعدادات.

ومن المهم الانتباه إلى أن هذه الخطوات متاحة لمن هم مقيمون في الولايات المتحدة، باعتبار أن الخاصية برمتها لاتزال في طورها التجريبي بالولايات المتحدة، ولم يتم تعميمها عالمياً.

تطمينات «فيس بوك»

وتضمنت جهود الطمأنة بعض التأكيدات الأخرى من قبل «فيس بوك»، منها تأكيد الموقع على أن الخاصية تتيح إمكانية تكوين مجموعات الأصدقاء المتشابهة مع بعضها، كما تعمل الخاصية اقتراحات تلقائية بأصدقاء آخرين يجب ضمهم إلى المجموعة، وتعني هذه الخاصية أنه بمجرد أن ترفع أي صورة على «فيس بوك»، فإنه سيتم تحليل الصورة، وعمل «تاغ» تلقائي لصور أصدقائك فيها، وسيقترح عليك عمل «تاغ» لأشخاص آخرين لم تعمل «تاغ» لهم من قبل.

وأكدت «فيس بوك» أن التعرف على الوجه سيتم في حالة واحدة فقط، وهي عند فقدان المستخدم لحساب «فيس بوك» الخاص به بسبب نسيان كلمة السر، أو إدخال كلمة السر، لأكثر من مرة بشكل خاطئ، وهذه الطريقة ستكون أفضل وسيلة لتشغيل حساب «فيس بوك» وتأكيد الهوية، أفضل بكثير من الطريقة الحالية. كما سترافق هذه الأداة والميزة، طبقة حماية مثل التحقق بخطوتين مثلاً، التي من خلالها يتم إرسال رمز آمن على هاتف المستخدم نفسه صاحب الحساب، وبالتالي لن يتمكن أي شخص من سرقة حساب لشخص آخر.

رسائل غير كافية

لم تفلح رسائل التطمين الصادرة عن «فيس بوك» في كبح جماح مخاوف المستخدمين، فالاتحاد الأوروبي أعلن على الفور أن إحدى اللجان الخاصة التابعة له ستدرس الخاصية الجديدة، والتهديد الذي يمكن أن تمثله على خصوصية المستخدمين، كما رفع محام أميركي دعوى ضد «فيس بوك» أمام دار العدل بمقاطعة كوك بولاية «إلينوي»، يتهم فيها «فيس بوك» بانتهاك خصوصية المستخدمين، في ما تواصلت الاتهامات لـ«فيس بوك» بأنه خضع لضغوط المسوّقين والرغبة في تحقيق الأرباح من خلال «تسليع» مستخدميه، أي تحويلهم إلى سلع.

وكتب محلل قائلاً: تخيلوا حجم القوة التي سيمتلكها «فيس بوك» من صور ووجوه أكثر من 500 مليون مشترك حين يكون قادراً على التعرف إلى بيانات أي شخص منهم، وكل من يعرفون بمجرد رؤية صورهم، وكلما ازدادت دقة خاصية التعرف إلى الوجوه، ازدادت أهميتها بالنسبة لشركات التسويق التي تعتمد على معرفة شخصية المتعاملين المستهدفين.

تويتر