إيلون ماسك.. مبتكر صواريخ الفضاء الأقل كلفة والقيادة الذاتية للمركبات

بدأ حياته طفلاً خجولاً ضعيفاً، يتعرض للمضايقة والضرب من زملائه بالمدرسة، لكنه يوصف الآن بأنه «المبدع الأهم» في عالم التقنية، والشخص الأقرب إلى شخصية الرجل الحديدي «توني ستارك»، الذي يظهر في أفلام السينما، وهو يبدع أشياء ثورية ومبتكرة، جعلت كل أعماله المحققة على الأرض أشبه بما يجري الحديث عنه في الخيال العلمي، وحدث ذلك في مجال الذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية للمركبات، وفي صواريخ الدفع النفاث التي تنقل الأقمار الاصطناعية وأطناناً من الحمولات للفضاء الخارجي بكلفة رخيصة، لتبلغ الاستثمارات العاملة في مشروعاته نحو 20 مليار دولار (نحو

73.5 مليار درهم).

تلك هي الرحلة المدهشة لمؤسس ورئيس شركتي «تسلا» و«سبيس إكس»، إيلون ماسك، التي سجلها كتاب جديد يروي رحلته المدهشة، ويحمل عنوان «إيلون ماسك: تسلا، سبيس إكس، والسعي من أجل مستقبل رائع».

نبوغ مبكر

قدمت مواقع تقنية، خلال الأيام الماضية، عروضاً لهذا الكتاب الذي ألفه «آشلي فانس»، ويبدأ الكتاب بالحديث عن طفولة إيلون ماسك، وكيف كان طفلاً منطوياً خجولاً يتعرض دوماً للمضايقة من زملائه، حتى أنه جرى نقله للمستشفى ذات يوم بعد حفلة ضرب وإيذاء تعرض لها من زملائه.

ولد إيلون ماسك في 28 يونيو 1971، في بريتوريا بجنوب إفريقيا، لأب يعمل مهندس إلكترونيات، وأم كندية تعمل أخصائية تغذية. ويقول المؤلف إن علامات النبوغ ظهرت علي ماسك مبكراً، ففي سن الـ12، في عام 1983 تحديداً، صمم لعبة إلكترونية بسيطة أطلق عليها «بلاستار» وباعها لمجلة متخصصة في التقنية والكمبيوتر مقابل 500 دولار.

تأسيس الشركات

وفي مطلع عام 2000 قرر اختبار حظه في مجال شركات الإنترنت التي أطلق عليها في ذلك الوقت «طفرة الدوت كوم»، وأسس شركة أطلق عليها «زييب 2»، بمعاونة شقيقه كيمبال، وحصل على تمويل من بعض المستثمرين في «وادي السيليكون»، وتقدمت أعمال الشركة ثم اشترتها شركة «كومباك» مقابل 341 مليون دولار، ليحقق ماسك مكسباً صافياً قدره 22 مليون دولار.

ثم أسس ماسك شركة ثانية تحت اسم «إكس كوم»، تعمل في مجال الصرافة عبر الإنترنت، واستثمر فيها 10 ملايين دولار، ثم جرى دمجها مع شركة «كونفنتي» التي أسسها بيتر ثيل، ليتم تأسيس شركة جديدة هي «باي بال» في مجال المدفوعات الإلكترونية، وعمل ماسك مديراً تنفيذياً لها. أقيل إيلون ماسك من «باي بال» وحل محله بيتر ثيل، لكن الأمور سارت لمصلحته بعد أن استحوذت شركة «إي باي» على «باي بال» في عام 2002، وحصل ماسك على 165 مليون دولار من الصفقة، باعتباره أكبر مساهم منفرد في «باي بال».

صواريخ فضائية

في ذلك الوقت كانت أفكار الخيال العلمي، تلح على ماسك لتغيير مساره المهني، فأسس شركة «سبيس إكس» بمبلغ 100 مليون دولار. ووضع لنفسه هدفاً رئيساً هو خفض كلفة الرحلات الفضائية لتصبح عُشر كلفتها المعتادة، ثم صنع أول مركبة فضائية وأطلق عليها «ميلينيوم فالكون» وهو اسم مستخدم في أفلام حرب النجوم، ويتم دفعها للفضاء بصواريخ أطلق عليها «فالكون1» و«فالكون 9». ثم استطاع أن يحقق هدف الوصول إلى صواريخ دفع فضائي بكلفة أقل، مع الصاروخ «التنين» الذي قضى به ماسك تماماً على كل من تشكك في أن «سبيس إكس» ستستطيع تصنيع صواريخ فضائية.

تحديات مالية

عاد ماسك بتفكيره إلى الأرض مرة أخرى، وتحديداً إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي وقت مبكر من عام 2004 استثمر 70 مليون دولار في شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية، التي تستهدف الوصول إلى مركبات ذكية ذاتية القيادة تعمل بالكهرباء والطاقة النظيفة المتجددة، واستطاع خلال فترة وجيزة تطوير سيارته الأولى التي حملت اسم «رودستر» عام 2006، وهي كهربائية بالكامل، وتعمل بنظم الملاحة الآلية. وأنشأ ماسك بعد ذلك شركة «سولار سيتي» للطاقة الشمسية والبطاريات الضخمة، وبدأ يعاني تحديات مالية خانقة، إذ اضطر إلى ضخ 40 مليون دولار إضافية لإنقاذ «تسلا» من الانهيار، وأصبح رئيسها التنفيذي.

تعثر ونهوض

تعثرت شركة «سولار سيتي»، ولم تتقدم «سبيس إكس» بالصورة المناسبة، وفي عام 2008 كان إيلون ماسك على وشك الانكسار، ووصف ذلك العام بأنه أسوأ عام في حياته، فقد ظلت «تسلا» تخسر المال، وكان برنامج «سبيس إكس» يواجه مشكلة في إطلاق صاروخ «فالكون 1». وبحلول عام 2009 كان ماسك يعيش على القروض الشخصية، ودخل في مرحلة طلاق مع زوجته.

في مطلع 2009، وقعت «سبيس إكس» عقداً بمبلغ 1.5 مليار دولار مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، لكي تنقل الإمدادات إلى الفضاء بالكلفة المنخفضة التي تفوقت بها على أعتى الشركات العاملة في هذا المجال، وفي عام 2010 طرحت «تسلا» للاكتتاب العام، وجمعت 226 مليون دولار، لتبدأ مرحلة جديدة تماماً مع مشروعات القيادة الذاتية.

الذكاء الاصطناعي

أسس ماسك عام 2015 «منظمة الذكاء الاصطناعي المفتوح»، وهي منظمة غير ربحية، مكرسة للبحث في الذكاء الاصطناعي، وضمان عدم تدمير البشرية.

ورأى أن السباق نحو الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، وفي فبراير 2018 تنحى عن مجلس إدارة المنظمة، لتجنب أي تضارب محتمل في المصالح مع شركة «تسلا»، التي قطعت خطوات واسعة في مجال الذكاء الاصطناعي لتكنولوجيا قيادة السيارة الذاتية.