تربط بين الشركات والباحثين عن عمل وتوفر خصومات على الأدوية وقروضاً للمحتاجين

الشركات الناشئة في الفلبين توظف ابتكارات التقنية لحل مُشكلات البلاد

الاستثمار الأجنبي في الفلبين يسعى إلى الاستفادة من الشباب والبراعة التقنية والانتشار الواسع للغة الإنجليزية. أرشيفية

تشهد الفلبين حالياً ازدهار شركاتها الناشئة في قطاع التكنولوجيا التي يُوظف أكثرها الابتكار لعلاج مشكلات حقيقية تُواجه سكان البلاد التي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، واختلف الوضع إلى حدٍ كبير قبل سنوات قليلة، وحينها واجه رواد الأعمال صعوبةً بالغة في الحصول على تمويل لمشروعاتهم.

 

نقطة تحوّل

ومثّل عام 2012 نقطة التحول، حين أسست شركتان للاتصالات، حاضنتين لدعم الشركات الناشئة، ما بث الروح في قطاع التكنولوجيا في الفلبين، إذ أطلقت شركة «سمارت كومينكشنز» التابعة لشركة «فلبين لونج ديستنس تليفون» حاضنة «آيديا سبيس» غير الهادفة للربح. وخرجت حاضنة «كيكستارت فنتشرز» من رحم شركة «غلوب تيلكوم» التي تمتلكها كُلٌ من شركتي «أيالا» و«سينج تِل». وتحصل «كيكستارت» على حصة تراوح عادةً بين 12 و20% من المشروعات المبتدئة التي تُمولها.

وحتى الآن، استثمرت «كيكستارت» في 20 شركة ناشئة، وتعتقد أن بإمكانها احتضان الشركة التالية التي ستُصبح بمكانة «فيس بوك». وقالت مؤسسة «كيكستارت» ورئيستها، مينت نافرتي، إن مُعدل إخفاق الشركات الناشئة يبلغ نحو 96%.

ومع ذلك، اعتبرت نافرتي أن قطاع التكنولوجيا في الفلبين يستعد لأول إنجازاته الكبيرة، لافتةً إلى انتظار أول تقييم بـ100 مليون دولار، في إشارة إلى واحدة من مرحلتين نهائيتين من النجاح للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا؛ أي الطرح العام للأسهم، أو الاستحواذ.

وشهد ديسمبر 2014 أول طرح عام لأسهم شركة ناشئة، وهي «إكسورباس» Xurpas لتوفير محتوى المحمول، وجمعت 30 مليون دولار من سوق الأوراق المالية في الفلبين، لكن الشركة احتاجت إلى 15 عاماً قبل بلوغ هذه المرحلة. وترى نافرتي أن بمقدور رواد الأعمال الجدد في العاصمة مانيلا تحقيق نتائج أفضل خلال فترة أقل كثيراً.

 

طموح «كالبير»

ومن بين الشركات الـ20 التي تدعمها «كيكستارت»، شركة «كالبير» Kalibrr التي تُمثل سوقاً للمواهب يربط بين الشركات والباحثين عن فرص للعمل. وأسسها بول ريفيرا في عام 2012، بعدما ترك وظيفة أحلامه في «غوغل» بالولايات المتحدة عام 2007، ليعود إلى الفلبين التي غادرها حين كان في الخامسة من عمره، ويُؤسس شركة ناشئة.

وقال ريفيرا، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً: «فكرت، هل سأكون ذلك الشخص المجنون الذي يترك العمل في (غوغل)؟»، لافتاً إلى أن الشركات الناشئة في الفلبين واجهت كفاحاً منفرداً من أجل بقائها في غياب النظام المطور في ولاية كاليفورنيا الأميركية لتنظيم المستثمرين ورؤوس الأموال المغامرة، والمشجعين المتحمسين، والحاضنات.

لكن مع تأسيس الحاضنتين الجديدتين، صار عمل الشركات الناشئة أكثر يسراً. وتلقت «كالبير» تمويلاً بقيمة 100 ألف دولار من «كيكستارت» مُقابل حصول الأخيرة على حصة 4% من الشركة، كما صارت «كالبير» أولى الشركات الفلبينية التي شاركت في برنامج «حاضنة واي» الأميركي المرموق في وادي السيليكون، وجمعت 1.6 مليون دولار في جولة ثانية للتمويل.

وارتفعت توقعات رواد الأعمال المحليين في الفلبين أكثر من ذي قبل، في ظل تطلع مستثمري رأس المال المخاطر من اليابان وسنغافورة والولايات المتحدة إلى شركات التكنولوجيا في الفلبين. وقال ريفيرا إن الشركات الناشئة في البلاد اعتادت سابقاً الفرح بالحصول على مليون بيسو أي ما يُعادل 45 ألف دولار، بينما يرغب الآن في نيل 100 مليون دولار.

 

تمويل وأدوية

ولا يقتصر قطاع التكنولوجيا في مانيلا على رواد الأعمال الفلبينيين، بل يضم أيضاً أجانب يسعون للاستفادة من إمكانات الفلبين من الشباب، والبراعة التقنية، والانتشار الواسع للغة الانجليزية، قاعدة للانطلاق إلى أسواق صاعدة أخرى، مثل الهند وإندونيسيا.

ومن بين الشركات الناشئة التي يقودها أجانب في الفلبين: «ليندو» Lenddo التي تستخدم مواقع الإعلام الاجتماعي لمنح ائتمان، أو رصيد اجتماعي للأشخاص يُتيح لهم الحصول على قروض مصرفية للمرة الأولى. ولا يمتلك نحو 80% من سكان الفلبين حسابات مصرفية.

وكذلك شركة «إم كلينيكا» mClinica التي تُوفر خصومات على الأدوية عبر شبكة تضمن 1500 صيدلية في الفلبين، وتجمع في الوقت نفسه معلومات السوق حول شركات الأدوية.

 

حاضنة تمويل

ويرى مُؤسس ورئيس حاضنة «آيديا سبيس»، إيرل فالنسيا، أن أفضل الأفكار تأتي من الفلبينيين أنفسهم الذين يخوضون مشكلات البلاد يومياً. وبدأت «آيديا سبيس» في عام 2013 تنظيم مسابقة على مستوى الفلبين من أجل العثور على الشركات الفلبينية الواعدة، ومن ثم تمويلها. وقال فالنسيا: «في العام الأول، كنا خائفين جداً، اعتقدنا أنه سيتقدم 50 مشاركاً». وشهد ذلك العام اشتراك 500 متقدم، بينما جذبت مسابقة العام الجاري أكثر من 1200 مُشارك. وأضاف فالنسيا: «دُهشنا من مقدار الطلب الكامن». وفي مارس 2015، جمعت «آيديا سبيس» 23 من المشاركين من مختلف أنحاء الفلبين ممن وصلوا إلى القائمة القصيرة في دورة مكثفة لمدة أسبوع في مانيلا، وقدمت أدوات مُساعدة للشركات الناشئة للتعريف بكيفية جمع التمويل وبناء العلامة التجارية، وتقييم الشركة وتكوين فريق العمل. ومن المقرر أن تختار «آيديا سبيس» في مايو المُقبل 10 فائزين نهائيين، سيحصل كلٌ منهم على تمويل بقيمة 100 ألف دولار، ودعم متواصل من الحاضنة.

تويتر