كشفت عن توقيف دبلوماسي أميركي لدعوته إلى مائدة إفطار في محيط الخرطوم

باحثة: مواطنان سودانيان تنازعا أمام المحاكم على استضافة صائم

صورة

قالت ناشطة اجتماعية سودانية، في ندوة بالقاهرة، إن تقاليد استضافة الصائمين في موائد الإفطار العامة التي يقيمها الأهالي السودانيون في الميادين والطرقات العامة لا حدود لتمددها وكرمها وطرائفها، وقد وصل الأمر الى نظر محكمة سودانية لدعوى قضائية بين مواطنين سودانيين تنازعا على أحقية أي منهما في استضافة صائم على مائدته، كما وصل الأمر ايضاً الى توقيف موكب دبلوماسي أميركي الذي كان يسير وطاقمه في محيط الخرطوم وقت الغروب، وإجباره ومن معه على النزول وتناول الإفطار معهم طبقاً للتقاليد السودانية، الأمر الذي استقبله الدبلوماسي بالدهشة والإعجاب.

وقالت مدير مركز دنقلة بالقاهرة، الناشطة الاجتماعية ست البنات حسن أحمد، في ندوة اقامها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، بعنوان «رمضان في إفريقيا»، إن «المجتمع السوداني له تقاليده الخاصة جداً في رمضان، وإن الاحتفاء بالشهر الكريم يبدأ منذ فترة طويلة قبل قدومه، حيث تغير ربات البيوت أواني المطبخ بكاملها قبل ظهور الهلال، كما يتم تجهيز (الأبري) أو (الحلو-مر)، و(المويات) و(البليلة) و(ملاح النعيمة)، وهي مشروبات ومأكولات محلية، اعتاد السودانيون تجهيزها في رمضان».

وأضافت ست البنات حسن أحمد: «مع مقدم الشهر الكريم، وبعد صلاة العصر مباشرة، يتم افتراش (برش رمضان) أمام المنازل وفي الطرقات، وهو عبارة عن بساط شعبي يصنع من سعف النخيل المنتشر بشكل واسع في شمال السودان، وبعض الناس يفترش حالياً مع التقدم أبسطة من السجاد، ثم تنزل بعدها الصواني المحملة بالأطعمة والمشروبات من الأفراد والبيوت والجمعيات والهيئات دون حساب، ثم ينتشر بعدها الشباب على الطرقات يجذبون أي صائم تصادف وجوده في الشارع قبل الإفطار، ومن اللقطات اللافتة الجميلة انك تجد شخصين يشدان طرف عمامة بامتداد الشارع لإيقاف المرور، لأن بعض السائقين لا يستجيبون لدعوة الإفطار، لكن عندما يرون العمامة مشدودة أمامهم من الأهالي في منتصف الشارع ينزلون على الفور احتراماً للناس والتقاليد».

واستطردت ست البنات حسن أحمد أنه «من الوقائع الطريفة الدالة على الكرم في هذه الولائم، أن محاكم ولاية الجزيرة استقبلت دعوى خلاف بين مواطنين سودانيين يتنازعان فيها حول من يكرم المسافرين الصائمين على الطريق ويتشرف بخدمتهم أثناء الإفطار، وقد ادعى أحد المواطنين السودانيين ان الآخر سرق منه الضيوف الذين كان بصدد أخذهم لمائدته، وأن المدعى عليه أسرع وسحب ركاب حافلة على الطريق لمائدته، دون ان يترك أي فرصة لصاحب الدعوى الذي كلّمهم قبله بأن يقوم بالاستضافة، الأمر الذي انتهى بملاسنة وشجار وصل الى المحاكم».

وتابعت أن «القاضي رفض الفصل في القضية، وطالب الخصمين بالتسامح، مشيداً بالتقاليد الكريمة، ثم تدخل الأجاويد بعدها واضعين قواعد لتنظيم استضافة الصائمين، مطالبين الجميع بالالتزام بها».

وقالت ست البنات: «إن واقعة أخرى شهدتها السودان لا تقل طرافة عن الأولى، حين أحاط بموكب القائم بأعمال السفير الأميركي بالخرطوم، جيري لان، ومرافقيه، والذي كان في جولة في محيط الخرطوم وقت الغروب، أحاطت به جمهرة من السودانيين وأصرت على نزوله ومرافقيه للإفطار معهم على موائدهم المعدة على جنبات الطريق، وقد كانت استجابة الدبلوماسي الأميركي الذي أُعجب بالتقليد السوداني غير العادي، حيث كتب القصة في وسائل الإعلام الغربية، ثم أقام إفطاراً باسم السفارة الاميركية بالخرطوم في الشارع، وكلف موظفي السفارة بالنزول الى الناس عند الميادين وفي الطرقات، واجتذابهم الى المائدة بالطريقة نفسها التي يفعلها السودانيون».

ونوهت المتحدثة بأن «هذه الظاهرة يسميها السودانيون بـ(الضرا)، وأن جل السودانيين يفطرون بموجبها في الشوارع العامة وأمام المنازل، مرة للتعاضد في ما بينهم، ومرة أخرى لاستضافة عابري السبيل».

من جهته، قال المشارك باسم جنوب السودان، فاولو كين، إن «مسلمي جنوب السودان يمتلكون ايضاً تقاليد خاصة بالاحتفال بالشهر الكريم، حيث إن العائلات في السودان مختلطة الأديان، إذ تضم العائلة الواحدة المسلم والمسيحي والتابع لديانة احيائية افريقية، ومع ذلك يشارك الجميع الاستعدادات والاحتفالات والجلوس لمائدة الإفطار وقت المغرب، في لقطة تضامن إنساني تعزز قيم الحب والتسامح في الشهر الكريم».

وقال المشارك الصومالي في الندوة، محمد أحمد، إن «الصومال تنفرد بوضع خاص في ليلة استطلاع الشهر الكريم، حيث يزحف الجميع الى المرتفعات ليأتي بخبر رؤية الهلال، كما أن هناك من يأتي من الريف والبداوة ليزف البشرى، وإن كان الأمر أصبح اكثر تنظيماً ومركزية بعد عودة الدولة واستقرار مؤسساتها».وقالت الباحثة الإثيوبية، شاكيرا آدم، إن «المسلمين الاثيوبيين من أكثر الشعوب المسلمة احتفاءً بالشهر الكريم، فعشرات المسؤولين المسلمين يلزمون المساجد، وآلاف يزحفون من الأطراف الى العاصمة ليصلّوا في مسجد أنور الكبير، ما يضطر السلطات، جراء غزارة الزحف، إلى إغلاق الطرقات، وتخصيص أعداد هائلة من قوات الأمن لحراسة المصلين».

تويتر