المحلل البريطاني كون كوفلن:

يتعيّن على أميركا معاملة إيران مثل روسيا

رسم توضيحي للطائرة المسيّرة الإيرانية «شاهد 136» التي أُسقطت في سماء أوكرانيا. عن «ديفينس إكسبرس»

يرى المحلل والباحث البريطاني، كون كوفلن، أنه الآن وحتى بعد أن اضطرت إدارة بايدن إلى الاعتراف بمحاولاتها غير المدروسة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، يتعين على الغرب ألّا يغفل عن أنشطة إيران المثيرة للجدل في أنحاء العالم.

ويقول كوفلن، في تحليل نشره معهد جيتستون الأميركي، إنه طوال عملية المفاوضات التي استغرقت عاماً في فيينا، بشأن الطموحات النووية الإيرانية، التي اعترفت إدارة بايدن الآن أنها انتهت إلى حالة من الجمود، حاولت طهران إعطاء انطباع بأنها مهتمة بالتفاوض للتوصل إلى اتفاق، بينما هي تصعّد في الوقت نفسه أنشطتها العدوانية في منطقة الشرق الأوسط، وغيرها من المناطق.

ويضيف كوفلن أنه رغم مزاعم القادة الأوروبيين بأنه مازال من الممكن التوصل إلى اتفاق، إلا أن التعنت الإيراني أنهى المفاوضات بالفعل، حيث اعترف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بأن مطالب إيران الأخيرة أعادت العملية «إلى الوراء».

انتكاسة

وعلى الرغم من أن فشل المحادثات يمثل انتكاسة كبرى لإدارة بايدن قبل الانتخابات النصفية المقبلة، من المهم أن تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها حقيقة العمليات العسكرية الإيرانية المتوسعة في أنحاء العالم.

وقال كوفلن إنه فيما يعتبر زيادة ملحوظة في النشاط الإيراني، أعلنت القوات الأوكرانية المشاركة في الهجوم الناجح للغاية لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي شمال شرقي البلاد، أنها أسقطت مسيّرة إيرانية طراز «شاهد - 136» تستخدمها القوات المسلحة الروسية في منطقة خاركيف.

وظهرت أول تقارير بأن إيران عرضت تزويد روسيا بمسيّرات ذات طابع عسكري لدعم جهودها العسكرية في أوكرانيا في يوليو الماضي، عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران، حيث التقى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وأعلن المسؤولون الأميركيون في وقت لاحق، أن طائرات الشحن الروسية نقلت أول مجموعة من المسيّرات الإيرانية.

ورغم أن طهران نفت تلك التقارير، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية صوراً تظهر ما بدا أنه أجزاء من مسيّرة محطمة كُتب على جانبها بالروسية «جيران - 2».

تصعيد خطير

ويرى كوفلن أن هذا يعتبر تصعيداً خطيراً حقاً في الأنشطة العسكرية الإيرانية، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر معدات عسكرية إيرانية على الأرض الأوروبية.

ويضيف أن إحدى الحجج التي يسوقها كثيراً، الذين يختلقون الأعذار لإيران، هي أن طهران لا تشكل تهديداً لأوروبا، وأن أنشطتها العسكرية قاصرة على تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، بما في ذلك طموحها طويل الأمد الخاص بالقضاء على إسرائيل.

وممّا يدحض هذه الحجة، حقيقة أن هناك أدلة ظهرت توضح أن إيران تدعم بقوة الحرب الروسية على أوكرانيا.

ويرى كوفلن أنه إذا كانت إيران مستعدة لنشر معدات عسكرية متطورة، مثل المسيّرات، على الأرض الأوروبية، حينئذ من الواضح أن حكام إيران لن يترددوا في إطلاق صواريخهم الباليستية طويلة المدى، المحتمل تزويدها بأسلحة نووية على أهداف أوروبية.

تعاون عسكري

ومن ناحية أخرى، ليس من الغريب أن تسعى روسيا وإيران إلى زيادة تعاونهما العسكري في جهودهما لمواجهة الغرب، فالدولتان تعانيان تداعيات العقوبات الغربية، وتجدان نفسيهما في عزلة على المسرح الدولي.

وعلى أية حال، يمثل استعداد إيران لأن تصبح مشاركة بصورة مباشرة في الصراع الأكثر دموية الذي يشهده الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تصعيداً ملحوظاً في التهديد الذي يواجه العالم الخارجي، وتتجاهله الدول الغربية رغم ما ينطوي عليه من خطر لها.

وأوضح كوفلن أنه علاوة على ذلك، ينبغي النظر إلى تورط إيران المتزايد في حرب أوكرانيا، في سياق نشاطها الأخير المتزايد في مجالات عسكرية أخرى.

وعلى الرغم من إصرار إيران على أنها حريصة على التفاوض للتوصل لاتفاق نووي جديد يحدّ من قدرتها في الحصول على مواد نووية ذات طابع عسكري، أشاع المسؤولون الإيرانيون الشهر الماضي بأنهم يمتلكون الآن القدرة الفنية لإنتاج قنبلة ذرية.

وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، في المؤتمر السنوي لصحيفة جيروزاليم بوست في نيويورك، الأسبوع الماضي، عن خريطة تظهر أكثر من 10 منشآت أقامتها إيران في سورية خلال السنوات الأخيرة لإنتاج صواريخ عالية الدقة، متوسطة وطويلة المدى، يمكن استخدامها لاستهداف إسرائيل.

وقال كوفلن إن هذا تصرف غريب على دولة تقول إنها مهتمة بالسلام، كما تؤكد إيران مراراً وتكراراً.

رغم مزاعم القادة الأوروبيين بأنه مازال من الممكن التوصل إلى اتفاق، إلا أن التعنت الإيراني أنهى المفاوضات بالفعل.

فشل المحادثات يمثل انتكاسة كبرى لإدارة بايدن قبل الانتخابات النصفية المقبلة، ومن المهم أن تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها حقيقة العمليات العسكرية الإيرانية المتوسعة في أنحاء العالم.

تويتر