الانسحاب من أفغانستان كان القطرة التي أفاضت الكأس

العلاقات بين الولايات المتحدة وبريطانيا تشهد أزمة حادة

ريغان وتاتشر عملا بتناغم ظاهري لكن الخلافات بين البلدين ظلت قائمة. أرشيفية

دعا رئيس الحكومة البريطانية، ورئيس مجموعة السبعة الحالي، بوريس جونسون، إلى اجتماع طارئ، يوم الثلاثاء، لتنسيق عمليات إجلاء المواطنين البريطانيين والأفغان. وسيتطرق رئيس الوزراء إلى المنظور طويل المدى في أفغانستان، والذي يتضمن انسحاب الولايات المتحدة، وتساؤلات حول موقف الصين وروسيا في المنطقة. وحاول جونسون التأثير على الرئيس الأميركي جو بايدن، للإبقاء على قوات في كابول، بعد 31 أغسطس، حيث من المتوقع أن تغادر القوات الأميركية البلاد.

ووصف رئيس الوزراء العمالي السابق، توني بلير، الانسحاب الأميركي بالعمل «الأحمق»، قائلاً: «إنها ليست مسألة الشعب الأفغاني، فحسب، بل تتعلق بأمننا». وذلك في إدانة شديدة لقرار واشنطن الانسحاب أحادي الجانب، من أفغانستان، والتي لم تأتِ من أقصى اليمين المتطرف، في بريطانيا، أو أقصى اليسار المعادي لأميركا، ولكن من مسؤول تولى السلطة بين عامي 1997 و2007، ودعم عسكرياً غزو العراق، في عام 2003.

وتسبب رحيل الجنود الأميركيين في أخطر أزمة في العلاقة عبر الأطلسي، منذ حملة السويس عام 1956، عندما أجبر الرئيس دوايت أيزنهاور، بوحشية، القوات البريطانية والفرنسية على الانسحاب من القناة التي أمّمها الرئيس المصري جمال عبدالناصر.

وتراجعت شعبية رئيس الوزراء البريطاني في استطلاعات الرأي وسط فضائح الفساد والانقسامات داخل فريق القيادة، وتعرّض جونسون للهجوم اللاذع، خلال الجلسة البرلمانية الطارئة حول أفغانستان، الأسبوع الماضي. وحدث ذلك بينما رفض وزير خارجيته، دومينيك راب، قطع إجازته عندما استولت «طالبان» على كابول.

ورد رئيس الوزراء البريطاني على خصومه السياسيين بأن بايدن كان سيتجاهل نصيحته على أي حال. ومن ناحية أخرى، من السهل القول إن القوات المسلحة البريطانية لم تكن قادرة على ملء الفراغ الذي تركه الأميركيون، حتى بمساعدة الحلفاء الأوروبيين. وفي محادثته الهاتفية، التي أجراها في 17 أغسطس، مع الرئيس الأميركي، كان جونسون راضياً عما سيحدث، قائلاً: «يجب ألا يضيع التقدم الذي تحقق في الـ20 سنة الماضية».

أميركي الهوى

طالما كان لجونسون، الذي ولد في نيويورك، ميلٌ لتأييد أميركا.

إن كراهيته للاتحاد الأوروبي ودعمه الثابت للحلف الأطلسي يشهدان على هذا التوجه. ومع ذلك، لاتزال الخلافات عميقة مع خليفة دونالد ترامب. فالرئيس الأميركي الحالي ذو الأصل الإيرلندي معارضٌ، بشكل أساسي، لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ وقد حذر جونسون من أن البروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، المبرم مع بروكسل، لا ينبغي إعادة النظر فيه، وإلا فإن اتفاقية تجارية عبر الأطلسي ستكون في خطر.

ويذكر أن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جاك سوليفان، درس في جامعة أكسفورد وعمل في إدارتي الرئيسين الديمقراطيين، المناصرين لإنجلترا، بيل كلينتون وباراك أوباما، واللذين كانت تربطهما علاقة جيدة مع توني بلير وديفيد كاميرون.

ارتباط غير متوازن

في الواقع، كان الارتباط دائماً غير متوازن بشكل أساسي لمصلحة الولايات المتحدة، و«العلاقة الخاصة» القديمة بين المملكة المتحدة وابنتها الكبرى، والتي حث عليها جميع رؤساء الوزراء البريطانيين، هي موقف عفا عليه الزمن. وعلى مدى عقود، أصبحت العلاقات الثنائية أكثر اعتيادية. وكان لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير على المملكة المتحدة، التي فقدت، في نظر واشنطن، بعض نفوذها في بروكسل. وفي حين أن التعاون الاستخباراتي العسكري لايزال قوياً، فإن التوافق الدبلوماسي أو التجاري البريطاني مع المواقف الأميركية بات أقل احتمالاً.

وجعلت الخلافات حول العراق وأفغانستان وإيران، وحتى المناخ، من التحالف بين أبناء العمومة الأنغلو-ساكسونيين، يفقد بريقه. ويؤكد الخطاب الرسمي أن المحور البريطاني الأميركي ثابت، لكن في الواقع، وفي هذه الصداقة التي تعصف بها الصراعات، غالباً ما يتعزز التنافر بين الطرفين.

وحتى في ذروة التفاهم بين رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، كانت العلاقات بين البلدين حساسة. وأثناء حرب الفوكلاند، عام 1982، على سبيل المثال، انتقدت رئيسة الوزراء، حينها، علانية، ضعف الدعم العسكري الأميركي. وتبع هذا النزاع نزاع آخر، بعد عام، عندما اجتاحت الولايات المتحدة غرينادا، وهي عضو في منظمة الكومنولث، في جزر الهند الغربية، دون إخبار لندن.

• كان الارتباط دائماً غير متوازن بشكل أساسي لمصلحة الولايات المتحدة، و«العلاقة الخاصة» القديمة بين المملكة المتحدة وابنتها الكبرى، والتي حث عليها جميع رؤساء الوزراء البريطانيين، هي موقف عفا عليه الزمن.

• جعلت الخلافات حول العراق وأفغانستان وإيران، وحتى المناخ، من التحالف بين أبناء العمومة الأنغلو-ساكسونيين، يفقد بريقه.

تويتر