ماركوس سودر هو المرشح الأكثر حظاً لخلافتها

خصوم ميركل يرون في «فوضى أسترازينيكا» إشارة إلى الاستيلاء على التاج

صورة

عندما اختلف زعيم ولاية بافاريا الألمانية، ماركوس سودر، مع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، بشأن قرار تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا-أكسفورد، يوم الثلاثاء الماضي، كان الأمر يبدو أكثر من مجرد إحباط من سياسة خاطئة. لقد كان إشارة إلى أن سودر، الحليف الموالي للمستشارة طيلة فترة جائحة كورونا، يعتقد أن الوقت قد حان للاستيلاء على تاج الحكم لنفسه، وقال للتلفزيون الألماني «أعرف العديد من الأشخاص الذين سيأخذون لقاح أسترازينيكا، الآن، وأنا سآخذه في الحال»، وكانت رسالته واضحة تماماً.

المستشارة ترفضورفضت ميركل دعوات لأخذ اللقاح على شاشة التلفزيون، بهدف القضاء على شكوك الشعب الألماني. لكنها لم تكترث بتلك الدعوات، كما أن اللقاح لم يكن في تلك الفترة قد تمت الموافقة عليه من قبل السلطات الصحية، لمن هم في عمرها في ألمانيا. وسيظل الشعب الألماني يذكر أنها رفضت ذلك الطلب بأخذ هذا اللقاح. والآن يأتي سودر ليقول إنه مستعد لفعل ما أحجمت عنه ميركل. كأنه يقول للألمان إنه القائد الذي ينتظر تتويجه ليخرجهم من هذه الفوضى العبثية.

ويطالب المعلقون الألمان بشخص لديه من الشجاعة، ليفعل ما فعلته ميركل، عندما طلبت من معلمها المستشار السابق، هلموت كول، التنحي عن زعامة الحزب إثر فضيحة الفساد التي ضربت الحزب عام 1999. وكانت تلك اللحظة التي استطاعت فيها ميركل الاستيلاء على قيادة حزبها.

ويبدو أن دفاع سودر عن لقاح أسترازينيكا هو محاولة للقيام بنفس ما قامت به ميركل. وفي الحقيقة، ليس هناك أي تنافس شديد على المنصب، لأن ميركل ستتنحى عن منصب المستشار بعد انتخابات سبتمبر.

تلميع الصورة

في البداية، بدا كأن جائحة كورونا ستعمل على تلميع صورة ميركل وتزيد شعبيتها، عندما ظهرت على شاشة التلفزة وخاطبت الشعب الألماني، العام الماضي، فقد كانت قادرة على التواصل مع المواطنين العاديين بطريقة عجز عنها رئيس الحكومة البريطاني، بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. وعندما نجت ألمانيا من الموجة الأولى من الجائحة بعدد قليل من الوفيات، مقارنة بما حدث في الدول الأوروبية الأخرى، حازت امتنان الشعب الألماني، ما جعل شعبيتها ترتفع كما كانت في أيامها الذهبية.

لكن يبدو أن ذلك أصبح من الماضي، إذ إن قرارها بتكليف أوامر اللقاح للاتحاد الأوروبي أدى إلى تغيير كل شيء، ما جعل ألمانيا تتراجع خلف أميركا والمملكة المتحدة في مجال إدارة الجائحة واستخدام اللقاح، وتكافح لمواكبتهما. وبعد نحو أربعة أشهر من الإغلاق، كانت رسالتها الوحيدة للشعب الألماني هي أنه يجب عليهم تحضير أنفسهم من أجل «ثلاثة أو أربعة أشهر صعبة قادمة»، وللمرة الأولى خلال فترة حكمها الطويلة تبدو ميركل في حالة ذهول، وعاجزة عن التصرف.

وانتخب حزب ميركل وهو الحزب المسيحي الديمقراطي، أرمين لاشيت، زعيماً جديداً في يناير الماضي، وظل لفترة يبدو أنه سيخلف ميركل في منصب المستشار. لكن الغرابة في النظام السياسي الألماني أن الأحزاب تقدم مرشحيها لمنصب المستشارية بمعزل عن قيادة هذه الأحزاب. لكن النتائج المحزنة للانتخابات المحلية التي ظهرت نهاية الأسبوع، يمكن أن تكون قد قضت على آمال لاشيت.

وربما كانت الخسائر التاريخية في اثنين من معاقل الحزب التقليدية حكماً من الناخبين على تعامل ميركل مع جائحة كورونا، أكثر منها حكماً على قيادة لاشيت، لكنه كان غائباً إثر تلك الهزائم، حتى إنه لم يكلف نفسه عناء الظهور أمام الكاميرات بالنظر إلى أن النتائج التي ظهرت يوم الأحد الماضي.

لا للمجازفة

وربما يقرر الحزب أنه لا يستطيع المجازفة بالذهاب إلى انتخابات سبتمبر بمثل هذا المرشح، غير المعروف، لمنصب المستشارية. لهذا سيكون سودر هو البديل الوحيد. ونفذ سودر لعبة الانتظار حيث إنه شاهد منافسيه يبتعدون الواحد تلو الآخر. ومن هؤلاء فريدريك ميرتس، محبوب الشركات الألمانية، الذي اندثرت آماله، عندما تعرض للهزيمة أمام لاشيت في قيادة الحزب. أما المنافس الآخر، وهو جينس سبان، فقد حطم مستقبله السياسي بنفسه نتيجة أدائه السيئ، عندما كان وزيراً للصحة، وهو يواجه دعوات بالاستقالة.

وقام سودر، وهو السياسي البارع، بالدفاع علناً عن سبان مع أنه طعنه في الظهر، عندما تعهد بأنه مستعد لأخذ اللقاح. وتشير تفاصيل مناقشات الحزب السرية، التي تم تسريبها بحذر للصحافة الألمانية، إلى أن سودر كان يضغط نحو طرح لقاح سريع، في حين أن سبان كان متردداً، وحاول لاشيت إسكات انتقاداته.

من جهتها، كانت ميركل أكثر من مستعدة لطرح فكرة أن سودر هو ولي العهد، حيث سافرت إلى بافاريا من أجل التقاط عدد من الصور المحضرة بعناية معه في قصر من طراز الباروك، العام الماضي. ولم يكن الاثنان مقربين دائماً من بعضهما بعضاً، إذ إن سودر كان أهم منتقدي سياسة الهجرة المثيرة للجدل، التي انتهجتها ميركل، والتي يطلق عليها سياسة «الباب المفتوح»، وفي إحدى المرات بدا الرجل مستعداً لترك الحزب المسيحي الديمقراطي بسبب سياسة ميركل للهجرة.

• ربما كانت الخسائر التاريخية في اثنين من معاقل الحزب التقليدية حكما من الناخبين على تعامل ميركل مع جائحة كورونا، أكثر منها حكما على قيادة ارمين لاشيت للحزب المسيحي الديمقراطي.

• عندما نجت ألمانيا من الموجة الأولى من الجائحة بعدد قليل من الوفيات، مقارنة بما حدث في الدول الأوروبية الأخرى المجاورة لها، حازت ميركل امتنان الشعب الألماني وإعجابه، ما جعل شعبيتها تعود للارتفاع، كما كانت في أيامها الذهبية.

جاستن هاغلر - كاتب وصحافي بريطاني

تويتر