دوغلاس ماكريغور أفضل بديل لجون بولتون

اختيار مستشارين فعالين ضروري لتجسيد رؤية ترامب في السياسة الخارجية

صورة

مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن عدد من قضايا السياسة الخارجية الرئيسة، خلال العامين الماضيين، لم تكن صحيحة فحسب، بل إنها تمثل أيضاً عمليات تصحيح ضرورية لمسار السياسة. ومع ذلك، ومنذ تنصيبه، قام بعض أقرب مستشاري الرئيس بتوجيهه باستمرار بعيداً عن أفكاره، ما تركنا نخسر حروباً ونخاطر دون داع بالدخول في نزاعات جديدة. لكي يفلت ترامب من تهديد حروب فاشلة، يجب عليه أن يغير بعض مستشاريه بأشخاص يتمتعون بالكفاءة، ويتوافقون مع وجهات نظره، ويستطيعون تنفيذ رؤيته. أول هؤلاء المستشارين غير الفعالين الذين يحتاجون إلى الذهاب هو جون بولتون. خدم الأخير فترة طويلة في الحكومة ومؤسسة واشنطن الفكرية، لكن وصفاته للسياسة الخارجية كانت كارثية بالنسبة للولايات المتحدة.

كان بولتون أحد أبرز المؤيدين لغزو العراق في عام 2003، لكن بعد الغزو تبين أنه كان خطوة كارثية، إذ لم تكن هناك قوات لتنظيم «القاعدة» في العراق، ولم يكن تنظيم «داعش» موجوداً. ومع ذلك لايزال بولتون يدافع عن هذا الخطأ حتى يومنا هذا، واصفاً إياه بأنه «مبرر تماماً».

كما دعا المستشار الرئاسي إلى قصف إيران، ودافع مباشرة عن عمليات «تغيير النظام» في كوريا الشمالية وليبيا وسورية وكوبا وفنزويلا، فيما قال ترامب خلال حملة عام 2016، مرات عدة، إن غزو العراق كارثة استمرت 16 عاماً، أسفرت عن مقتل 4568 جندياً أميركياً، وجرح أكثر من 32 ألفاً آخرين، وتكرار الخطأ في إيران سيكون أمراً أسوأ بكثير، لأن إيران أكبر من العراق، وأكثر اكتظاظاً بالسكان، ولديها قدرة أكبر بكثير على الرد.

ومع ذلك، فإن مهاجمة إيران ليست ضرورية على الإطلاق للحفاظ على الأمن الأميركي، لأن ردعنا التقليدي والنووي أكثر من كاف لردعهم إلى أجل غير مسمى.

ونظراً لأنه لم يتعلم أبداً الدروس الفاشلة من غزو العراق، يستمر بولتون في الحفاظ على دعوته لتغيير النظام بشكل صريح وروتيني، وبشكل قاطع، كأداة أساسية لطريقة الحكم. وتتعارض هذه السياسة بشكل مباشر مع ما قام به ترامب في الحملة الانتخابية، وهو ما قال إنه لايزال يؤمن به. وإذا أراد ترامب إعادة انتخابه، فسيتعين عليه إجراء تغييرات من الآن وحتى نوفمبر 2020.

ما يحتاج إليه ترامب منذ بداية عهده هو مستشارون يفهمون تفكيره في السياسة الخارجية، ويتوافقون مع وجهات نظره، ولديهم القدرة على تحويل رؤية الرئيس إلى واقع عملي، ولم يكن لدى مستشار الأمن القومي السابق أو الحالي هذه القدرة، ومع ذلك، يوجد خبير في واشنطن العاصمة لديه هذه القدرة.

الأمر يتعلق بدوغلاس ماكريغور، مدير الحملة العسكرية الجوية في كوسوفو، التي نفذها حلف شمال الأطلسي في أواخر التسعينات. نصح ماكريغور وزير الدفاع بالتخطيط للعمليات قبل حرب العراق عام 2003، لكن نصيحته حول استخدام الجيش العراقي لتوفير الأمن المدني بعد الحرب تم تجاهلها بشكل مأساوي. كما نصح بعدم التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011، ووضع خطة جديدة شاملة لإعادة تنظيم وتحديث الجيش الأميركي.

على الرغم من كل إنجازاته وبيانات اعتماده، إلا أن هناك شيئين من شأنهما أن يجعلا ماكريغور جذاباً بشكل فريد باعتباره مستشار الأمن القومي القادم للرئيس ترامب.

الأول هو أنه يتماشى مع رؤى ترامب المعلنة في موضوعات السياسة الخارجية الرئيسة، بدلاً من محاولة ثني الرئيس عن طريقة تفكيره، كما يبدو أن كلاً من ماكماستر وبولتون قد حاولا فعل ذلك، سيكون بإمكان ماكريغور تحويل رؤية الرئيس إلى واقع سياسي.

ثانياً، على عكس الغالبية العظمى من كبار المسؤولين في واشنطن، فهو ليس مروجاً وقحاً لنفسه، بل يرغب في خدمة بلده قبل كل شيء. لقد رأيت ذلك مباشرة في عام 1991 أثناء وبعد عاصفة الصحراء.

فقد انتصرت كتيبة أميركية بأكبر معركة دبابات منذ الحرب العالمية الثانية، والمعروفة باسم «معركة 73 شرقاً». في هذه المعركة، هزم الأميركيون قوة أكبر بكثير، وذهبت معظم الشهرة في هذه المعركة إلى مستشار الأمن القومي السابق هيربرت مكماستر، الذي كان قائد الوحدة المدرعة المكونة من 120 فرداً، والتي كانت في قلب تلك المعركة.

كنت ملازماً تحت قيادة مكماستر خلال تلك المعركة، ويمكنني أن أؤكد أنه قاتل بامتياز كبير، لكنه لم يكن السبب الوحيد للنجاح في المعركة، ولا هو السبب الأكبر لذلك. اللقب من حق ماكريغور، حيث كان الأخير مسؤولاً عن تحديد كيفية توظيف الوحدات في اللحظات الأساسية للمعركة.

لا يعرف أحد تقريباً دور ماكريغور الذي لا غنى عنه في المعركة الشهيرة. لماذا؟ لأنه أقنع نفسه بالسماح لقائد الكتيبة ومكماستر بالحصول على الثناء العام. إن معرفة أنه قام بواجبه، وأن الكتيبة حققت نجاحاً كبيراً، كان كافياً بالنسبة له.

مع التحديات الصاخبة للسياسة الأميركية الخارجية في الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وأميركا الجنوبية، من المهم بالنسبة للأمن القومي الأميركي أن تتحول رؤى ترامب الأفضل إلى سياسة فعالة. لقد أخطأ كل من بولتون وإدارة البيت الأبيض في العراق، بينما أصاب ترامب وماكريغور. قد تتوقف أفضل فرصة لترامب لجني عدد من النجاحات الكبيرة في السياسة الخارجية في السنتين المقبلتين على تعيين مستشار مثل ماكريغور.

دانييل ديفيس  كاتب واستشاري ومقدم متقاعد في الجيش الأميركي شارك في أربع عمليات خارجية.


ما يحتاج إليه ترامب منذ بداية عهده هو مستشارون يفهمون تفكيره في السياسة الخارجية، ويتوافقون مع وجهات نظره.

أخطأ كل من جون بولتون وإدارة البيت الأبيض في العراق، بينما أصاب ترامب وماكريغور.

تويتر