سعياً لدعم نتنياهو و«صفقة القرن»

اعتراف ترامب بضم الجولان.. دعم أميركي لإسرائيل وتجاهل كامل للفلسطينيين

صورة

في أحدث إعلان سياسي من البيت الأبيض، قال الرئيس دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستعترف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي السورية التي كانت محتلة سابقاً. وصرح ترامب في تغريدة على «تويتر» قائلاً: «بعد 52 عاماً، حان الوقت للولايات المتحدة للاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وهو أمر ذو أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي».

إنها هضبة في بلاد الشام، ترتفع فوق المناطق المحيطة؛ ومن الأعلى، يمكن رؤية البحر الأبيض المتوسط، وهي على مسافة ليست بالبعيدة من العاصمة السورية دمشق. وتعد الجولان، بالإضافة إلى مواردها الطبيعية الوفيرة مثل المياه، أحد أهم المواقع الاستراتيجية في المنطقة.

تم طرد جزء كبير من السكان المحليين، معظمهم من الدروز السوريين، بعد حرب عام 1967، وفي العقود التي تلت ذلك تم استبدالهم بمستوطنات يهودية. ضمت إسرائيل مرتفعات الجولان رسمياً في عام 1981، وهو إجراء رفضه المجتمع الدولي. «إن قرار إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة باطل ولاغٍ ومن دون أي أثر قانوني دولي»، وفق ما جاء في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 497، الذي سعى إلى إعادة تأكيد أن «الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وقال نائب الرئيس الأول للبحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، جوناتان شانزر: «هذا بيان طال انتظاره لرئيس أميركي». وكان شانزر يؤيد اعتراف واشنطن بضم إسرائيل للهضبة منذ سنوات عدة، «من المستحيل تخيل قيام الإسرائيليين بتسليم هذه الأرض إلى سورية، خصوصاً الآن، مع وجودها في حالة من الفوضى المطلقة، وبعد سنوات من الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد».

وقال الصحافي الأميركي رمزي بارود: «الفلسطينيون لا يثقون في سياسات ترامب، ولن يصدم بيانه الأخير بشأن مرتفعات الجولان أحداً، لا في رام الله ولا في غزة»، متابعاً «إذا كان هناك أي شك في أن ترامب قد تخلى، ليس فقط عن القانون الدولي، بل حتى عن استراتيجية واشنطن السياسية الأساسية، والتي كانت قائمة منذ عقود حول عملية السلام وحل الدولتين، فإن هذه الشكوك تبخرت خلال العام الماضي».

مشروع استعماري

من جهته، يرى شانزر أنه «لن يكون لهذه الخطوة تأثير على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. الجولان لا يطالب به الفلسطينيون. إنها قضية سورية إسرائيلية. على الرغم من أن الفلسطينيين ملزمون بالاحتجاج على أي تنازل يمنح للإسرائيليين من الولايات المتحدة».

لا يوافق بارود على ذلك، معتقداً أن هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً لتنفيذ «صفقة القرن» التي أشرف عليها مستشار الرئيس الأميركي وصهره، غاريد كوشنر، «من المهم الإشارة إلى أن صفقة القرن ليست اختراعاً أميركياً بالكامل، بل هي حيلة إسرائيلية أميركية تهدف إلى تغيير جذري للسياسة الخارجية الأميركية عن طريق إزالة أي عقبات أمام المشروع الاستعماري لحكومة نتنياهو في الضفة الغربية والقدس ومرتفعات الجولان».

تم تبرير هذا الإجراء من قبل أعضاء الحكومة الأميركية كرد فعل ضد القوات الإيرانية المتمركزة في سورية، والتي طلبت منها حكومة دمشق مساعدتها في الحرب الأهلية.

من جهته، يقول مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إن «السماح للسيطرة على هضبة الجولان من قبل أمثال النظامين السوري والإيراني من شأنه أن يغض الطرف عن فظائع الأسد والوجود المزعزع للاستقرار لإيران في المنطقة»، متابعاً «تعزيز الأمن الإسرائيلي يزيد من قدرتنا على مكافحة التهديدات المشتركة معاً». ويوافقه الرأي السيناتور ماركو روبيو، من ولاية فلوريدا، قائلاً «يجب أن ندعم سيادة إسرائيل على الجولان. بشار الأسد يسمح لإيران وحزب الله بالعمل دون محاسبة في جنوب سورية، وإذا حصل الرئيس السوري على الجولان فسيعمل حلفاؤه ضد إسرائيل من هناك أيضاً».

استفزازات متكررة

ويعتقد شانزر أنه سيكون من المهم قياس رد فعل إيران، «شيء واحد يجب مراقبته في الوقت الحالي هو ما إذا كانت إيران ترد على هذه الخطوة من خلال استفزاز إسرائيل من مواقعها العسكرية في سورية»، موضحاً «لقد شهد هذا المسرح استفزازات متكررة من قبل إيران وردود إسرائيل. من الصعب أن نتخيل أن إيران ستسمح بهذا التطور».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعيداً لسماع قرار ترامب واستخدم لغة مماثلة في تغريدة على «تويتر». الاعتراف بالجولان كأرض إسرائيلية هو انطلاقة تاريخية لحزب الليكود، إذ كان مؤسسه الفكري زائيف جابوتنسكي ورئيس الوزراء الأول مناحم بيغن أكثر تركيزاً على السيطرة على الضفة الغربية.كانت أيديولوجية جابوتنسكي جغرافية، وفقاً للصحافي الراحل يوري أفنيري، أرض إسرائيل على جانبي الأردن. ولم تشمل الخريطة شبه جزيرة سيناء، لذلك لم يكن لدى بيغن أي قلق بشأن إعادتها إلى مصر، في عام 1979، كما أنها لم تشمل مرتفعات الجولان، التي كان بيغن سيعيدها إلى سورية دون تردد.

على الرغم من الانفصال عن الأفكار السابقة للحزب، فمن المرجح أن يساعد الاعتراف نتنياهو مع اقترابه من الانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي تجرى في غضون أسابيع قليلة.

في المقابل، يرى شانزر أنه سيُنظر إلى الخطوة كطلقة على ذراع نتنياهو وحزبه الليكود، وهما يخوضان معركة صعبة ضد بيني جانتز وحزبه «أزرق أبيض».

أمر منطقي

ويعتقد بارود أن توقيت التغريدة هو أمر منطقي، لأنه سيساعد على إعادة انتخاب نتنياهو ويزيد من احتمالات نجاح صفقة كوشنر؛ «من أجل تحقيق الصفقة، من الضروري أن يبقى نتنياهو في السلطة»، متابعاً: «مع ذلك، فإن الأخبار من إسرائيل تشير إلى أن نتنياهو يواجه منافسة حقيقية، وإذا تعرض ائتلاف نتنياهو اليميني لهزيمة في أبريل الجاري، فإن حكومة مركزية أو بديلاً يسارياً من شأنه أن يعقد المشهد بالنسبة لكوشنر، ما يؤدي إلى تأخير غير مرغوب فيه، أو الأسوأ من ذلك، إلغاء «الصفقة» تماماً. وبالتالي، فإن إعلان ترامب بشأن الجولان موجه للجماهير الإسرائيلية في الغالب.

وخلص بارود إلى أن تعاقب الأحداث، على مدار العام الماضي، يهدف إلى إرسال رسالتين، الأولى للفلسطينيين، التي مفادها أنكم خارج الاهتمام الأميركي بالكامل، وإلى الإسرائيليين: انتخبوا نتنياهو، وسيكون لديكم دعم أميركي كامل وغير مشروط .


صفقة القرن ليست اختراعاً أميركياً بالكامل، بل هي حيلة إسرائيلية أميركية تهدف إلى تغيير جذري للسياسة الخارجية الأميركية عن طريق إزالة أي عقبات أمام المشروع الاستعماري لحكومة نتنياهو في الضفة الغربية والقدس ومرتفعات الجولان.

تويتر