يحاول تحفيز البرلمانيين من أجل تحقيق طموحه لـ «إعادة تأسيس أوروبا»

ماكرون يواجه اختباره الأوروبي الكبير في ستراسبورغ

ماكرون لدى وصوله إلى مقر البرلمان الأوروبي أمس. إي.بي.إيه

توجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، للمرة الأولى، إلى النواب الأوروبيين المجتمعين في ستراسبورغ، في محاولة لتحفيزهم من أجل تحقيق طموحه لـ«إعادة تأسيس أوروبا»، وفق مشروع لا يثير الكثير من الحماسة في برلين وبودابست.

ينظر العديد من النواب في ستراسبورغ بإيجابية إلى الدفع الذي أعطاه ماكرون لأوروبا منذ انتخابه، غير أنهم يدعونه الآن للانتقال من الكلام إلى الأفعال.

وخصص الرئيس النهار بكامله للاتحاد الأوروبي، وتوجه عصراً إلى إيبينال بشرق فرنسا لبدء «المشاورات الأوروبية مع المواطنين»، بجلسة مناقشات أولى شارك فيها نحو 200 إلى 300 شخص.

ويواصل ماكرون حملته هذه، التي يبدأها قبل عام من الانتخابات الأوروبية عام 2019، بزيارة غداً إلى برلين، حيث سيجري مباحثات مع المستشارة أنغيلا ميركل حول مستقبل منطقة اليورو.

غير أن حزب ميركل المحافظ انتقد، أول من أمس، مشروعات ماكرون الإصلاحية على هذا الصعيد، لاسيما فكرة استحداث ميزانية خاصة بمنطقة اليورو لدعم الاستثمارات. ويتوجه ماكرون إلى مقر البرلمان الأوروبي، حيث يعقد النواب دورتهم الشهرية.

وأوضح قصر الإليزيه أن ماكرون سيعبر في كلمته إلى النواب الأوروبيين «عن الحاجة العاجلة إلى التحرك، في ظل الظروف الصعبة داخل الاتحاد الأوروبي، إنما كذلك خارجه».

وهذه الصعوبات الداخلية ناجمة خصوصاً عن الانتخابات، التي جرت أخيراً في إيطاليا وبلغاريا، وفازت فيها أحزاب مشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي، ما عزز المخاوف بأن قرار بريكست عام 2016 كان من ضمن توجه عام. أما في الخارج، فيواجه الأوروبيون النزاع في سورية، والسياسة الأميركية المتقلبة منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعادية لأوروبا.

وحذر ماكرون، الأحد، خلال مقابلة تلفزيونية مطولة من أن القارة الأوروبية تشهد «صعوداً للنزعة المعارضة لليبرالية، أي الحركات المتطرفة والشعبوية، وكذلك المشككين في دولة القانون».

وهو يرى أن من الضروري في مواجهة ذلك أن يتم الدفع في اتجاه «أوروبا سيادية»، تحمي من «المخاطر والتحولات الكبرى والمخاطر الرقمية، كما المالية». وقال: «سنمضي قدماً مع الدول التي تريد المضي قدماً»، وسيتحتم على «الذين لا يتبعون التيار (...) أن يقبلوا بالبقاء على هامش أوروبا تلك».

وكما هو متوقع، ذكّر ماكرون بالخطوط العريضة لخطابه من أجل «إعادة تأسيس أوروبا»، الذي ألقاه في جامعة السوربون في سبتمبر. وتناول في المبادرات الـ80 التي طرحها جميع الموضوعات، من تعزيز منطقة اليورو، إلى تعميم برنامج إيراسموس للمنح الدراسية، مروراً بأوروبا الدفاعية، وفرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة.

«رؤية إيجابية»

وينظر العديد من النواب في ستراسبورغ بإيجابية إلى الدفع الذي أعطاه الرئيس الشاب لأوروبا منذ انتخابه قبل عام، غير أنهم يدعونه الآن للانتقال من الكلام إلى الأفعال.

وقال رئيس تكتل الحزب الشعبي الأوروبي، القوة السياسية الرئيسة في برلمان ستراسبورغ، مانفريد فيبر، مثنياً على نهج ماكرون، إن لديه «الكثير من المشروعات من أجل أوروبا»، لكنه أضاف في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس، أنه «ليس هناك استجابة لكل ما يقترحه» من قبل الحزب الشعبي الأوروبي، الذي يجمع أحزاباً يمينية، ولابد من أخذ موقفه في الحسبان في ستراسبورغ.

وأوضح فيبر، الذي ينتمي إلى الاتحاد المسيحي الاجتماعي المتحالف مع المستشارة أنغيلا ميركل، أن كون ماكرون لا ينتمي إلى أي عائلة سياسية أوروبية «يشكل عائقاً في عملية اتخاذ القرار»، مضيفاً أن «أفضل ما يمكن لماكرون القيام به في الوقت الحاضر هو تحقيق الإصلاحات الضرورية في فرنسا».

وعبّر خصمه رئيس كتلة النواب الأوروبيين الاشتراكيين، الألماني أودو بولمان، عن موقف مماثل. وقال «لابد أن نثني على عرض ماكرون رؤية إيجابية لمستقبل أوروبا»، مشيراً إلى أفكار مشتركة مع الكتلة الاشتراكية، مثل «إنشاء إمكانات مالية لمنطقة اليورو، وإنجاز الوحدة المصرفية، واستحداث منصب وزير مالية لمنطقة اليورو»، لكنه شدد على أنه «يتحتم على ماكرون الآن أن يبدي جرأة، ويُقدم على تغييرات جوهرية في هذه المجالات، سواء في أوروبا أو في فرنسا». وعند العصر ابتعد ماكرون عن الرسميات في مركز المؤتمرات في إيبينال، ليناقش مستقبل أوروبا مع 200 إلى 300 شخص سجلوا حضورهم على الإنترنت.

وكان الرئيس أعلن في فبراير أن هدف هذه «المشاورات مع المواطنين» التي تجري في دول الاتحاد الـ27 (باستثناء المملكة المتحدة) هو «تحرير الخطاب بشأن أوروبا، وإحياء الثقة، وإعطاء خلفيات واضحة للنقاش»، قبل خوض الانتخابات الأوروبية.

تويتر