تحذيرات حقوقية من تبنّي غربيين أطفالاً من هايتي
تفاقم الوضع في هايتي في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضربها في 21 يناير الجاري، وبات الأطفال الناجون أكثر عرضة للجوع والإهمال.
وتذكر صحف بريطانية أن عدد الأيتام في هايتي قد يصل إلى مليون طفل. وفي ظل الظروف الصعبة التي تحول دون تقديم يد المساعدة لهم في مسقط رأسهم، تداعى أوروبيون وأميركيون وكنديون على وزارات خارجيتهم لتقديم طلبات تبني يتامى هايتي، لكن منظمات غير حكومية عبرت عن مخاوفها من أن يؤدي تسريع الإجراءات من أجل انقاذ الأطفال إلى تفكيك عائلات واقتلاع أطفال من جذورهم، ما يعرضهم إلى مشكلات نفسية مستقبلاً. ويسعى عدد كبير من الفرنسيين لتبني ضحايا الزلزال من الأطفال.
على أرض الواقع، لا يخفي هاييتيون كثيرون موافقتهم لتبني غربيين لأطفال شردهم الزلزال. ويقول بعضهم إن الحصول على فرصة للعيش في أمان يعتبر معجزة في ظل الدمار الواسع الذي حصل.
وفي وسط العاصمة بور أو برنس، قامت مجموعة متطوعين بإنقاذ أطفال كانوا يعيشون في ملجأ للأيتام. ومن أجل لفت الانتباه، وضعت أعلام بيضاء على باب المنزل الذي يؤويهم، أملاً بالحصول على مساعدة الهيئات الدولية والأشخاص الذين يرغبون في تبني الأيتام. وتنتظر عائلات فرنسية متطوعة وصول »أبنائهم« الجدد من هايتي بفارغ الصبر، إلا أنه مع تعقد الوضع هناك، بدأت الآمال تتلاشى، وفي ذلك تقول فاليري، المتطوعة لتبني طفلة تدعى مايكا، إنه لا حل »أمامنا إلا الانتظار. أنا قلقة لأن مايكا لم تتجاوز سنة وثلاثة أشهر«.
وضع سيّئ
دمرت مدارس ودور حضانة عديدة في العاصمة بور أوبرنس، ما جعل الأطفال ينامون في الشوارع والحدائق العامة. وتقول رئيسة جمعية »أجير« دومنيك برو »كثير منهم يعيشون في العراء، علماً بأن الأطفال في هايتي يعانون من سوء التغذية، ما يجعلهم عرضة للأمراض«. وتضيف »سوف يموتون، إذا لم تصل إليهم المساعدات بسرعة«.
ويذكر أن نسبة الوفيات مرتفعة جداً في هذا البلد الذي يعد من أفقر الدول في العالم. وقد تم الاتصال بأكثر من 0053 حالة منذ 31 يناير، بحسب الوكالة الفرنسية للتبني، على أمل تسفير الأطفال وتسليمهم إلى عائلاتهم الجديدة في فرنسا قريباً. وتذكر خلية الطوارئ في وزارة الخارجية الفرنسية أنها استقبلت مئات المكالمات والرسائل الإلكترونية من مواطنين فرنسيين أبدوا استعدادهم لتبني يتامى هايتي. ومن بين 637 طلباً، سيحصل نحو 003 منها على موافقة الوزارة في انتظار الضوء الأخضر من السلطات الهايتية. ومن المعوقات التي تواجه ترحيل الأطفال حصولهم على جوازات سفر، الأمر الذي يستلزم بعض الوقت للتأكد من هويتهم.
وأبدت منظمات إنسانية فرنسية تذمرها من العراقيل الإدارية، فيما تحاول خلية الطوارئ دراسة ملفات التبني. وفي ذلك، تقول الناطقة باسم »س أو إس هايتي«، أيمانويل غيري، »يجب ترحيل كل الأطفال الذين لديهم ملفات وبسرعة، حتى ولو لم تنه الوزارة دراستها«.
وخففت الولايات المتحدة وإسبانيا وهولندا القيود على التبني، بعد ضغوط المنظمات الحقوقية. وبدأ وصول الأطفال إلى مدينة بيتسبيرغ الأميركية منذ أيام. ودعت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة »اليونيسيف« إلى تجميد أي طلب جديد للتبني، خصوصاً إذا كان دولياً، خلال »الفترة الطارئة«، لمحاولة جمع الأطفال بأسرهم أولاً. وترى حكومات غربية وأسر راغبة في التبني أنه يجب منح الأطفال بعد كارثة إنسانية بهذا الحجم فرصة بدء حياة جديدة، في بلد يقدم لهم مستقبلاً أفضل وعناية طبية أفضل.
خيار صعب
تستغرق إجراءات التبني سنتين، في المعدل، وتدفع الجهة المتبنية ما لا يقل عن 8000 يورو، حتى تحصل على طفل أجنبي. وفي فرنسا، تقدم ثلاثة أرباع الطلبات من نساء عازبات. وتستقدم وكالات متخصصة ومرخصة الأطفال من دول، مثل هايتي وفيتنام وإثيوبيا. وبدأت عملية التبني في فرنسا منذ سنوات، ووصل عدد الأيتام والأطفال الذين وصلوا إلى فرنسا في 8002 إلى 137 طفلا.
ويذكر أن عائلات في هايتي تفضل ترك أبنائها في ملاجئ أو دور الرعاية، نظراً للظروف المعيشية القاسية. وفي هذه الأثناء، حذر المدير التنفيذي لمنظمة وورلد فيغن للمساعدات الإنسانية، جوستن بيوورث، من أن يؤدي تبني أطفال هايتي إلى عمليات بيع واسترقاق، ألاوإلى الإساءة، ما يزيد من معاناة الأطفال. وتقول جولييت التي تبنت طفلة هايتية قبل الزلزال إنها صدمت لحال آلاف الأطفال في هايتي. وتضيف »لا توجد خدمات طبية ولا ماء صالح للشرب، وأحياناً لا كهرباء. سافرت كثيراً، لكني لم أجد فقراً مدقعاً مثل الذي رأيته في هايتي. الحياة هناك صعبة جداً«.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news