انسجاماً مع محادثات بوتين وبايدن

مؤشرات إلى ذوبان جليد العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا

صورة

يبدو أنه ثمة ذوبان في جليد العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ إن التصويت بالإجماع، أخيراً، في مجلس الأمن الدولي لتمديد عملية تقديم المساعدات عبر الحدود إلى سورية من تركيا، يجب اعتباره لحظة فارقة ومهمة.

وتم هذا الاتفاق نتيجة محادثات اللحظة الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا. وقال سفير روسيا في الأمم المتحدة، فاسيلي نبنزيا، للصحافيين بعد التصويت، «نأمل أن تكون هذه اللحظة نقطة تحول تنسجم مع محادثات الرئيسين، فلاديمير بوتين، وجو بايدن، في قمة جنيف. وهي تظهر أننا يمكن أن نتعاون عندما تكون ثمة حاجة إلى ذلك، وعندما تكون هناك إرادة»، وأما سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، توماس غرينفيلد، فقال للصحافيين «هذا الاتفاق يظهر أننا يمكن أن نتفق مع الروس على الأهداف المشتركة».

موقف متشدد

ومن الواضح أن موسكو أبلغت نبنزيا أن السفينة الروسية غيّرت طريقها، على الرغم من أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كان قد أعرب عن موقف متشدد إزاء واشنطن في 30 يونيو، وذلك بعد محادثاته مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنطاليا. وانتقد لافروف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا. ولكن بعد مرور ثمانية أيام على تلك التصريحات تغير المزاج، ففي الثامن من يوليو التقى مبعوثون من روسيا وإيران وتركيا في كازاخستان، من أجل عملية أستانة المتعلقة بالوضع في سورية، بهدف تنشيط هذه العملية.

كيري يقوم بزيارة

قال المبعوث الرئاسي الخاص إلى سورية ألكساندر لافرينتيف، الذي شارك في مفاوضات أستانة، لوكالة تاس الروسية للأنباء، إن موسكو وواشنطن كانتا منخرطتين في مفاوضات تتعلق بانسحاب القوات الأميركية من سورية، وإن هذا الانسحاب «يمكن أن يتم في أي وقت»، وخلال سفر لافروف إلى أنطاليا تلقى اتصالاً هاتفياً من المبعوث الرئاسي الأميركي والمسؤول عن قضايا البيئة جون كيري. وقالت تاس في الثاني من يوليو «كيري يخطط للقيام بزيارة إلى موسكو. ومن المتوقع أن يناقش موضوعات تتعلق بالبيئة مع الوزير الروسي لافروف»، وفي الثامن من يوليو أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن كيري كان متجهاً إلى موسكو في زيارة تستغرق خمسة أيام، من 12 إلى 15 يوليو، وتهدف إلى «لقاء مسؤولي الحكومة الروسية لمناقشة مختلف الوسائل الرامية إلى حماية البيئة».

وكان اللقاء الأول لكيري حين وصل إلى موسكو مع لافروف الذي رحب به بحرارة قائلاً «زيارتك مهمة، وإشارة إيجابية لتعزيز العلاقات الثنائية، وتخفيف التوتر، وإنشاء أنشطة فنية مهنية في المجالات التي نجد فيها أرضية مشتركة بيننا».

وثمّن لافروف أهمية الزيارة، مشيراً إلى أنها ليست مكرسة لقضايا البيئة فقط، وكان الجانب الروسي مسروراً في هذه الزيارة. وتناقص كثيراً الخطاب الروسي المعادي لواشنطن. وفي حقيقة الأمر، فإن سفير روسيا في هافانا قال إن الاحتجاجات الأخيرة في كوبا ناجمة عن مصاعب داخلية، إذ إن ظروف المعيشة تدهورت بشدة، كما أن جائحة كورونا فاقمت من الوضع.

تخفيف التوترات بشأن أوكرانيا

موسكو لم تتفق مع مزاعم الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، بأن واشنطن هي التي حرضت على الاحتجاجات. والأمر الأكثر أهمية أن بوتين كتب مقالة، نهاية الأسبوع الماضي، حاول من خلالها ترطيب الأجواء مع أوكرانيا، وتعهد بأن تقوم روسيا بتنفيذ التزاماتها المتعلقة بنقل الغاز عبر أوكرانيا.

وهذا من شأنه خفض درجة الحرارة في المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا، وربما يمنح إدارة بايدن مجالاً لتجنب فرض العقوبات على مشروع «نورد ستريم2» لأنابيب الغاز الروسي. وأما الأمر الأكثر أهمية، فقد لاحظ الخبراء الأميركيون أن مجموعة الجرائم السيبرانية المعروفة باسم «ريفيل»، التي تقول منظمات الاستخبارات الأميركية إن مقرها في روسيا، قد اختفت تماماً عن الإنترنت.

ويعتقد أن هذه المجموعة مسؤولة عن كثير من حالات القرصنة التي ضربت العديد من مؤسسات الخدمات الأميركية، ما دفع بايدن إلى الاتصال ببوتين، وحذّره من أن الولايات المتحدة يمكن أن تضرب داخل روسيا، إذا لم يتحرك ويوقف هذه المجموعة.

وبالطبع، فإن بوتين وبايدن اتفقا في قمة جنيف على بدء المفاوضات على أعلى المستويات، فيما يتعلق بجرائم طلب الفدية. واشتكت روسيا التأجيل. غير أن بايدن كسياسي مخضرم، يعرف كيف يدلل الغرور الروسي.

وفي الحقيقة، فإن هذا التناغم الروسي الأميركي الاستثنائي، يمكن أن ينهار إذا ظل لافروف متمسكاً بمقالته التي كتبها في 28 يونيو الماضي، والتي انتقد فيها الولايات المتحدة بشدة، لازدرائها روسيا. ولكن يبدو أن كل ذلك أصبح من الماضي.

• لافروف انتقد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، ولكن بعد مرور ثمانية أيام على تلك التصريحات تغير المزاج.

إم - كي - بادركومار ■ دبلوماسي هندي سابق

تويتر