خلاف تركي روسي يهيمن على القمة الثلاثية في طهران بشأن العملية العسكرية

روحاني وبوتين يشدّدان على حق دمشق في استعادة إدلب.. وأردوغان يحذر من «حمام دم»

صورة

هيمنت خلافات على اجتماع رؤساء إيران وروسيا وتركيا، في طهران، أمس، لمناقشة هجوم عسكري محتمل على محافظة إدلب، آخر معقل تحت سيطرة فصائل معارضة، حيث شدّد الرئيسان الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين على ضرورة استعادة حليفتهما دمشق السيطرة على المحافظة، بينما حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الداعم للمعارضة، من «حمام دم»، ودعا إلى إعلان «وقف لإطلاق النار» في المحافظة الواقعة على حدوده.

وتفصيلاً، جاء الخلاف الروسي التركي خلال لقاء قمة جمع الرؤساء الثلاثة في طهران تركز على النزاع السوري المستمر منذ عام 2011، الذي تسبب في مقتل أكثر من 350 ألف شخص، لا سيما مصير محافظة إدلب الواقعة في شمال غرب سورية.

وتنعقد القمة في وقت تتعرض إدلب منذ أيام لقصف سوري وروسي، ووسط تحضيرات من قوات النظام لمهاجمتها. وقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من «كارثة إنسانية» في حال حصول الهجوم.

وقال روحاني إن «محاربة الإرهاب في إدلب جزء لابدّ منه من المهمة المتمثلة في إعادة السلام والاستقرار الى سورية»، مضيفاً «إلا أن هذا يجب ألا يكون مؤلماً للمدنيين وألا يؤدي إلى سياسة الأرض المحروقة».

واعتبر بوتين من جهته أن «الحكومة السورية الشرعية لها الحقّ في استعادة السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وعليها أن تقوم بذلك».

واتهم بوتين خلال القمة «عناصر إرهابية» في إدلب بـ«مواصلة الاستفزازات والغارات بواسطة طائرات مسيرة والقصف».

في المقابل، حذر أردوغان من أن هجوماً على إدلب سيؤدي الى «كارثة، ومجزرة ومأساة إنسانية»، مضيفاً «لا نريد على الإطلاق أن تتحوّل إدلب الى حمام دم».

ودعا الرئيس التركي إلى إعلان وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب، وقال «إذا توصلنا الى إعلان وقف لإطلاق النار هنا، فسيشكل ذلك إحدى النتائج الأكثر أهمية لهذه القمة وسيهدئ إلى حد كبير السكان المدنيين».

وقال أردوغان من جهته «يجب أن نتوصل الى نتيجة عقلانية تأخذ في الاعتبار قلقنا المشترك». وأشار الى إمكانية نقل فصائل المعارضة «الى أماكن لا يتمكنون فيها بعد ذلك» من مهاجمة قاعدة حميميم العسكرية الروسية في غرب سورية، التي تستهدف بانتظام بهجمات من طائرات مسيرة، بحسب موسكو.

والتقى أردوغان وروحاني في لقاء ثنائي قبل انعقاد القمة الثلاثية، ثم اجتمع الرئيس التركي مع بوتين.

وفي وقت لاحق، أعلنت إيران وتركيا وروسيا، أنها اتفقت على معالجة الوضع في إدلب «بروح من التعاون الذي طبع محادثات أستانا»، بحسب ما جاء في بيان مشترك.

وصدر البيان في ختام القمة، حيث رفض الرؤساء الثلاثة في بيانهم المشترك «كل محاولة لخلق أمر واقع على الأرض بحجة مكافحة الإرهاب»، وأكدوا تصميمهم «على مواجهة كل المشروعات الانفصالية الهادفة إلى المس بسيادة سورية ووحدة أراضيها».

والتقى الرؤساء الثلاثة في مركز للمؤتمرات شمال العاصمة الإيرانية، قبل ساعات من اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في إدلب دعت إليه الولايات المتحدة.

وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول إدلب، أكد المبعوث الأممي الخاص بسورية، ستافان دي ميستورا، مخاوف المنظمة الدولية من التبعات «المروعة» لمعركة إدلب، معرباً عن أمله بأن يجنب التفاهم الروسي التركي الخسائر بين المدنيين.

وقال دي ميستورا «إن أي معركة في إدلب ستكون مروعة ونخشى على المدنيين في المنطقة». وأشار إلى أنه لم يتلق بعد أي معلومات دقيقة عن نتائج القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية في طهران حول سورية، إلا أنه أضاف: «نودّ أن نرى إلى ماذا سيؤدي ذلك عملياً».

وأكد مع ذلك: «نعول على التفاهم الروسي التركي لأنه بالغ الأهمية في سورية خصوصاً إدلب».

وشدّد دي ميستورا على رفض الأمم المتحدة لاستخدام الأسلحة الكيماوية أو استغلال السلاح العادي بصورة عشوائية، مشيراً إلى أنه يجب ألا تتجاوز ضرورة محاربة الإرهابيين الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان. كما لفت إلى وجوب توفير ممرات آمنة للمدنيين الذين سيريدون مغادرة إدلب حال تطلبت الضرورة، مشيراً إلى استعداد الأمم المتحدة للعمل مع كل الجهات على الأرض على ذلك.

وأكد المبعوث الأممي أن المجموعات المسلحة المعارضة في محافظة إدلب عززت في الآونة الأخيرة دفاعاتها العسكرية، داعياً جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك دول منطقة الخليج، لاستغلال نفوذها من أجل ضمان إعطاء المعارضين المعتدلين الأولوية للحفاظ على حياة المدنيين في المنطقة وانفصال هذه الجماعات عن الإرهابيين.

بدورها، قالت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن، نيكي هايلي، إن «أي هجوم على إدلب نعتبره تصعيداً خطيراً للوضع في سورية»، فيما شدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، على عدم جواز تجميد الوضع الحالي في محافظة إدلب السورية، مشيراً إلى أنه ينشط فيها 50 ألفاً من عناصر الجماعات الإرهابية.

وأكدت المندوبة البريطانية لدى مجلس الأمن كارن بيرس، أن استخدام الأسلحة بشكل عشوائى في إدلب جريمة حرب، وأضافت أن هناك وحدات عسكرية عدة تابعة للنظام تحاصر إدلب، وأن ثلاثة ملايين شخص فيها حياتهم معرضة للخطر.

في السياق نفسه، قال ممثل الولايات المتحدة الجديد بشأن سورية، جيم جيفري، إن هناك «أدلة كثيرة» على أن القوات الحكومية السورية تستعد لاستخدام أسلحة كيماوية في محافظة إدلب بشمال غرب سورية، محذراً من أن أي هجوم على هذه المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة سيكون «تصعيداً متهوراً».

ميدانياً، نفذت طائرات روسية، أمس، غارات على مقار تابعة لفصائل معارضة في محافظة إدلب، موقعة قتيلين على الأقل.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بشن طائرات روسية غارات على مقرات لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وأخرى لحركة أحرار الشام الإسلامية في محيط بلدة الهبيط الواقعة في ريف إدلب الجنوبي الغربي.

وتسببت الغارات، وفق المرصد، «في مقتل عنصر من حركة أحرار الشام وإصابة 14 مقاتلاً آخرين على الأقل بجروح، إضافة الى مقتل مدني وإصابة أربعة آخرين»، لم يعرف ما إذا كانوا مدنيين أم مقاتلين.

وحذرت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أن هجوماً واسع النطاق على المحافظة سيؤدي الى كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء النزاع.

ودعت ثماني منظمات غير حكومية ناشطة في سوري، أمس، بينها منظمة «سايف ذي تشيلدرن»، القادة الثلاثة المجتمعين في طهران إلى «العمل معاً لتجنب» أسوأ كارثة إنسانية في سبع سنوات من الحرب في سوري.

تويتر