موسكو تدين «وقاحة» واشنطن و«استهتارها» بانسحابها من المجلس

الإمارات تؤكد حرصها على التعــامل مع آليات مجلس حقوق الإنسان بصـدق وشفافية

الزعابي شدد على أن بعضاً من مبادئ إعلان 1948 تحول إلى وسائل ضغط في العلاقات الخارجية من خلال توظيف حقوق الإنسان لأغراض سياسية. وام

أكدت دولة الإمارات حرصها على التعامل مع آليات مجلس حقوق الإنسان بصدق وشفافية في إطار الاحترام المتبادل والحوار البناء والتعاون المثمر للجانبين، فيما دانت موسكو «وقاحة» الولايات المتحدة و«استهتارها» بالأمم المتحدة بعد انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، واصفة القرار بـ«الخاطئ»، بينما رحبت إسرائيل بالقرار الأميركي.

وفي التفاصيل، شدد المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، عبيد سالم الزعابي، خلال إلقائه كلمة الدولة أمام الدورة الـ38 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حالياً في جنيف في إطار النقاش العام بشأن الإحاطة الشفوية لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان؛ على أهمية عالمية حقوق الإنسان، فهي لديها قناعة راسخة بأن هناك حقوقاً مشتركة بين جميع البشر مهما كان لونهم أو جنسهم أو عرقهم، لا يمكن التخلي عنها أو التفاوض بشأنها طالما أن هناك توافقاً واسعاً لدى جميع الدول على مفهوم هذه العالمية.

وتقدم الزعابي بالشكر والتقدير إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، على الإحاطة القيمة للأنشطة التي اضطلع بها مكتبه خلال السنة الماضية.

وذكر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، الذي شارك في إعداده الفرنسي روني كاسن واللبناني شارل حبيب مالك وبان تشون نشنغ من الصين وغيرهم، كان يحمل قيماً عالمية نبيلة تطور بعضها إلى مبادئ حميدة أسهمت في إحداث تطور ملحوظ لحقوق الإنسان خدمة للإنسانية، بينما شهدت مبادئ أخرى انحرافاً تدريجياً أفرزت مفاهيم غريبة بالنسبة للعديد من المجتمعات بسبب تعارض تلك المفاهيم مع النسيج الاجتماعي والثقافي والاعتقادي لمختلف المجتمعات على اختلاف أعراقها.

أما على المستوى السياسي فقد شدد الزعابي على أن بعضاً من مبادئ إعلان 1948 تحول إلى وسائل ضغط في العلاقات الخارجية من خلال توظيف حقوق الإنسان لأغراض سياسية، واعتبارها جزءاً من دبلوماسيتها الخارجية، وهذا الانحراف لم ينص عليه إعلان 1948.

وفي ما يتعلق بعمل وأداء مختلف آليات مجلس حقوق الإنسان، التي دعا المفوض السامي إلى دعمها والتعاون معها، أكد الزعابي أن دولة الإمارات تقدر وتثمن عمل تلك الآليات التي من دونها تبقى حقوق الإنسان حبراً على ورق، مشيراً إلى حرص الإمارات وسعيها الدائم إلى التعامل مع تلك الآليات بصدق وشفافية في إطار الاحترام المتبادل والحوار البناء والتعاون المثمر للجانبين.

وعبر عن الأسف الشديد لخروج العديد من هذه الآليات عن إطار ولاياتها وما ترتب على هذا الانحراف من آثار سلبية على فاعلية عمل وأداء المجلس من جهة، فضلاً عن عدم الاستفادة من المساعدة التقنية والخبرة والاستشارة التي تتوافر عليها تلك الآليات.

وتقدم السفير الزعابي، بمناسبة قرب انتهاء ولاية المفوض السامي زيد رعد الحسين، باسم دولة الإمارات، بالشكر والتقدير للمفوض السامي على ما بذله من جهد في دعم منظومة حقوق الإنسان على الرغم من صعوبة المهمة وتنوع التحديات، متمنياً له النجاح والتوفيق في مهامه المقبلة.

يأتي ذلك في وقت دانت موسكو «وقاحة» الولايات المتحدة و«استهتارها» بالأمم المتحدة بعد انسحابها من مجلس حقوق الإنسان، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحافي، إن «الولايات المتحدة نسفت مجدداً سمعتها في الدفاع عن حقوق الإنسان. لقد أظهرت استهتارها بالأمم المتحدة ومؤسساتها».

ودانت «وقاحة زملائنا الأميركيين الذين يرفضون بقوة الاعتراف بوجود مشكلات خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان في بلدهم». واتهمتهم بأنهم حاولوا «تغيير بنية مجلس حقوق الإنسان لخدمة مصالحهم».

وأضافت أن مجلس حقوق الإنسان يجب أن يكون «في خدمة كل الدول الأعضاء وليس بلداً واحداً»، مؤكدة أن الانسحاب الأميركي «لم يشكل مفاجأة» لروسيا.

وإذ اتهمت الولايات المتحدة بـ«محاولة فرض نسخة خاصة بالأميركيين لحقوق الإنسان على الدول الأخرى في العالم»، أكدت أن المجلس سبق أن عمل بـ«فاعلية» من دون روسيا.

وأعلنت الولايات المتحدة، أول من أمس، انسحابها من المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً، والتي تتهمها بـ«النفاق» والانحياز ضد إسرائيل.

وتم إنشاء مجلس حقوق الإنسان في 2006 للترويج وحماية حقوق الإنسان في العالم، لكن غالباً ما تناقض تقاريره الأولويات الأميركية.

ومنذ وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2017 انسحبت واشنطن من اليونسكو، وقطعت التمويل عن هيئات أممية عدة، وأعلنت انسحابها من اتفاق باريس حول المناخ والاتفاق النووي مع إيران الذي أيدته الأمم المتحدة.

وانسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان ليس سابقة، فقبل 12 عاماً قاطعت إدارة جورج دبليو بوش الجمهورية مجلس حقوق الإنسان قبل أن يقرر الديمقراطي باراك أوباما انضمام بلاده إليه مجدداً.

كما أبدت الصين أسفها لقرار واشنطن الانسحاب من المجلس، وهي خطوة تقول وسائل الإعلام الرسمية إنها تجعل صورة واشنطن كمدافع عن الحقوق «على شفا الانهيار».

كما أعربت مفوضة الحكومة الألمانية لقضايا حقوق الإنسان، باربل كوفلر، عن «خيبة أمل عميقة» بسبب انسحاب الولايات المتحدة، وقالت، بحسب بيان وزارة الخارجية الألمانية: «في الماضي كانت الولايات المتحدة شريكاً مهما بالنسبة لنا في المجلس المعني بالعمل لأجل حقوق الإنسان في كل مكان على مستوى العالم».

وأضافت قائلة: «من المحزن للغاية أن الولايات المتحدة لم تعد تسعى لاتباع هذا الهدف في المنتدى المركزي الدولي المعني به».

وأكدت أن مجلس حقوق الإنسان الدولي يعد بالنسبة للحكومة الاتحادية «المنتدى المركزي بين الدول من أجل معالجة قضايا حقوقية سياسية، ولبنة أساسية مهمة للنظام العالمي».

بدورها، رحبت إسرائيل بالقرار الأميركي، وذلك على خلفية اتهامه بالانحياز ضد إسرائيل، مكررة أنه «جهة منحازة ومعادية».

وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، أول من أمس، انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، وقالت: «نحن نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة وتخدم مصالحها الخاصة، وتحوّل حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان لمكتبه أمس، إن «قرار الولايات المتحدة الانسحاب من هذه المنظمة المنحازة يشكل تصريحاً لا لبس فيه بأنه قد طفح الكيل».

وشكر نتنياهو للرئيس دونالد ترامب، ووزير الخارجية مايك بومبيو، والسفيرة نيكي هيلي «قرارهم الذي يرفض نفاق مجلس حقوق الإنسان الأممي وأكاذيبه»، معتبراً أنه «على مدار سنوات طويلة أثبت المجلس أنه جهة منحازة وعدائية ومعادية لإسرائيل، تخون مهمتها وهي الدفاع عن حقوق الإنسان».

وأضاف: «بدلاً من التركيز على أنظمة تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج، يركز المجلس بشكل مهوّس على إسرائيل، وهي الدولة الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط».

في المقابل، أعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، في بيان، أنها لم تفاجأ بهذا القرار الذي اتخذته دولة «شريكة لإسرائيل التي تحتجز أمة بكاملها رهينة عبر احتلال عسكري شرس».

وأضافت عشراوي: «إن الدعم الأعمى الذي تقدمه الإدارة الأميركية لإسرائيل التي ارتكبت خروقات فاضحة لحقوق الإنسان، لن يسهم إلا بعزلها على الساحة الدولية».

واعتبرت وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينية أن انسحاب الولايات المتحدة «مكافأة لإسرائيل وجرائمها».

وسارع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى إبداء أسفه للقرار الأميركي، معتبراً أنه كان «من الأفضل بكثير» لو بقيت واشنطن عضواً في هذه الهيئة الأممية التي تتخذ من جنيف مقراً.

تويتر