شباب الغد المشرق
الشباب من فجر الوجود إلى يومنا هذا في كل أمة هم قلبها النابض، وعقلها المفكر، وساعدها العامل، وذراعها الضاربة، وفي كل مجتمع هم عماد حاضره، وأمل مستقبله، وأداة نهضته ورقيه وتقدمه، ومجتمع بلا شباب يحمل تبعات نهوضه ومسؤوليات تقدمه مجتمع يعيش في زوايا المهملين وحضيض المتخفين، فالشباب هم أرق الناس أفئدة وأقواهم عزيمة وأخفهم في الخير حركة وأسرعهم عند النفير استجابة.
العناية بالشباب وتربيته التربية الراشدة وتحصينه من كل عوامل الضعف ضرورة حتى لا تجرفه التيارات الفكرية المنحرفة وحتى لا تعصف به الظواهر الاجتماعية الشاذة. ولأهمية هذه المرحلة في حياة الإنسان كان لزاماً أن تتضافر الجهود وتتوحد الرؤى لتخطط لمستقبل الأجيال المقبلة.
وعليه فإن الشباب هم ثروة الأمة ونتاجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذه الثروة يتحتم على المجتمع حمايتها من الانحراف. وتتلخص هذه الحماية في أمور عدة منها: ملء وقت الفراغ، إيجاد البدائل النافعة، تحديد أهداف يطمح للوصول إليها، تنظيم الوقت، لذا فإن المسؤولية تدعونا للوقوف معهم ونصحهم وإرشادهم والأخذ بأيديهم.
كما أن كل شاب يجب عليه أن يعرف أنه أحد أفراد هذا المجتمع، وعليه واجبات نحو مجتمعه، فيجب عليه أن يحافظ على مكتسبات أمته، وذلك من خلال استثمار استعداداته العلمية والعملية التي برزت من خلال مراحل التعليم المتنوعة التي رفعته إلى هذا المقام الرفيع، وعليه أن يحسن رد الجميل لكل من تعب وسهر وقدم خدمته له، سواء علم الذي قدم مثل الوالدين أو لم يعلم مثل الساهرين عليه وعلى رعايته من مؤسسات حكومية وأهلية، ولابد من المشاركة الجادة بين أطراف المجتمع ومؤسساته لوضع آلية لاستثمار وقت الشباب، لأنها هي مرحلة العطاء والتلقي، وهذه المرحلة مهمة في حمل الأمانة من خلال معرفة الإنسان ضعفه الذي هو فيه مع رعايته لنفسه ولغيره.
ومن الأمور التي قد تسهم في استثمار ورعاية وقت الشباب التوجيه السديد والنصح الرشيد، ليقوم بالعمل الذي يعمر البلاد ويصلح به حال العباد، ويكون بذلك أداة بناء في جسم الأمة، والتنمية الثقافية ببناء العقل الإنساني وتنميته، بالإضافة إلى التنمية التربوية من خلال آلية التربية والتعليم التي هي أساس تقويم سلوك الفرد طوال سنوات الدراسة الإلزامية من الروضة إلى الثانوية العامة، حيث إن هذه الفترة تكون مقدمة في صياغة جيل جديد من الشباب الواعد الذي ينتمي إلى وطنه.
رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، أستاذ الثقافة والمجتمع في الجامعة الكندية