سيّدات القمر العُمانيات

د. بروين حبيب

شكلت مجلة «نزوى» العُمانية رافداً من روافد تكويني الثقافي والنقدي، ومنبراً لنشر بعض قصائدي، وبوصلة تحدد لي وجهة الحداثة الأدبية، لذلك سعدت بالمشاركة في ندوة ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض مسقط الدولي للكتاب بعنوان «مجلة نزوى ثلاثون عاماً من الإنجاز الثقافي». ولأنّي مهتمة بالقضايا النسوية - خاصة ما كان متعلقاً منها بالجانب الثقافي - كان سروري مضاعفاً بالحراك الأدبي الذي تعرفه المرأة العُمانية، حتى خُصص الاحتفال بيوم المرأة في عُمان قبل أربعة أشهر لتسليط الضوء على إنجازات المرأة العُمانية في المجالين الثقافي والأدبي.

وظل الاهتمام بأدب المرأة العُمانية خجولاً لا يثير كثيراً من الانتباه كعادة المركز في النظر إلى إبداع الأطراف، إلى أن نالت الروائية جوخة الحارثي جائزة مان بوكر العالمية في الرواية سنة 2019 عن روايتها «سيدات القمر»، لتصبح أول امرأة عربية تحصل عليها. رغم أن الرواية صدرت في نسختها العربية قبل ذلك عن دار الآداب بـ10 سنوات، ولكن يبدو أن «زامر الحي لا يطرب». ولم يكن هذا الإنجاز العُماني في الرواية بيضة الديك؛ فبعدها بسنوات ثلاث فازت بشرى الخلفان بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الثامنة عن فئة الرواية العربية المنشورة؛ وذلك عن روايتها «دلشاد.. سيرة الجوع والشبع»، لتؤكد أن المنجز العُماني في الرواية النسوية ليس ضربة حظ، بل وليد تراكم، فقبل أن تستقطب جوخة الحارثي الأنظار بـ10 سنوات نالت رواية «الأشياء ليست في أماكنها» لهدى حمد جائزة الشارقة للإبداع الروائي.

ومنجز المرأة العُمانية الشعري لا يقل تميزاً عن مجال الرواية، وإذا كانت عائشة السيفي فازت بلقب «أميرة الشعراء» سنة 2022 لتكون بذلك أول امرأة تحرز هذا اللقب، فقبلها بسنة فازت الشاعرة العُمانية بدرية البدري بلقب «شاعر الرسول» في الشعر الفصيح لجائزة كتارا عن قصيدتها «قنديل من الغار». وفازت في السنة نفسها الشاعرة خديجة المفرجية بالمركز الأول في جائزة راشد بن حميد في أدب الأطفال عن فئة الشعر، بل ونالت المركزين الأول والثاني عن فئة القصة القصيرة كاتبتان عمانيتان لتؤكدا هذا التميز باستحقاق.

وبعكس ما يتوهمه الملاحظ من بعيد، فالإبداع النسوي في عُمان ليس محافظاً ولا هادئاً مثل طبيعة المجتمع العُماني، بل يحمل طابعاً حداثياً جريئاً في تعبيره، وفي الموضوعات التي يتناولها، وكتابات هدى حمد مثلاً نموذج صارخ عن ذلك. ولعل الطبيعة الجغرافية والتاريخية للبلد أتاحت لمبدعاته فرصة التأمل والنضج دون ضغط الأضواء، وتمثل التجارب العربية الأخرى، ما جعل من الكاتبات العُمانيات سيدات القمر، وسيدات الجوائز الأدبية أيضاً.

DrParweenHabib1@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر