«ثلاثة»

إبراهيم استادي

غداً ستشهد قاعات السينما ولادة فيلم إماراتي جديد، ولكن في الحقيقة هو حلم قديم راود صاحبته لسنوات، وقد شهدت شخصياً كفاح المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة لتحقيقه، فقد اضطرت إلى إغلاق شركتها وبيع بعض ما تملك، من أجل تمويل العمل الذي صور بين الإمارات وتايلاند.

لحُسن الحظ أنه بفضل الخلفية المهنية العالية التي تمتلكها نايلة، فقد أنتجت فيلماً قصيراً بمستوى عالٍ لجذب المستثمرين لفيلمها الطويل، وبعد أن اشترته «نتفليكس» وعرض في 120 دولة، حصلت أخيراً، على الدعم من منى القرق، وسلطان الدرمكي، لفيلمها الروائي الذي نفذته في غضون أربع سنوات وسيطرح غداً، ولكنني فوجئت من منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي تطلب فيه من متابعيها الأوفياء والأصدقاء بأن ينشروا إعلان الفيلم قدر المستطاع ليصل إلى أكبر شريحة من الناس، وذلك بسبب عدم وجود حملة ترويجية للفيلم كما هي الحال في هوليوود وبوليوود ومصر والسعودية الآن.

مشاعري كانت مختلطة تجاه المنشور، لم أعرف هل أفرح أم أحزن؟ ولكن الأكيد هو أنني فخور بخطوتها الشجاعة كعادتها ورهانها على الجمهور، ولكن السؤال هو: «إلى متى ستظل الأفلام الإماراتية أسيرة التجارب الفردية؟»، و«هل قلة الثقة بالتمويل ناجمة عن كون اعتبار الفيلم الإماراتي منتجاً محلياً بحتاً ولا يحقق انتشاراً من الممكن أن يحقق إيرادات مرضية؟».

ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن أننا يجب أن نثق بمنتجنا المحلي - إذا كان جيداً - ونحرص على حصوله على التمويل والترويج المناسب، لدينا قصص تستحق أن تروى، ولدينا مواهب بمستوى عالمي ينقصها الإيمان بها وتوجيهها، وقد أثبتت أكثر من تجربة إماراتية فنية ذلك بجهود فردية.

صحيح أن السينما صناعة والجدوى التجارية أمر لابد منه، ولكننا في مرحلة نحتاج فيها إلى اهتمام أكبر من الجهات الثقافية لكي نخلق مستقبلاً تجارياً لمنتجاتنا الإبداعية، وطالما أن هناك تخطياً وحجباً لهذه الخطوة، فإن فنوننا ستظل حبيسة منطقتنا الجغرافية، رغم أنها مرنة وقابلة للتصدير العالمي بكل سهولة، كما هي حال مجتمعنا الإماراتي المرن والمتسامح والمنفتح على العالم.

رغم تباين مستوى الأفلام التي أنتجت في السنوات الأخيرة، فإنها تثبت رغبة السينمائيين الإماراتيين الملحة في الوجود على خريطة السينما العالمية، وها هو فيلم روائي جديد يسجل موقفاً جديداً، ورغم مشاهدتي لإعلان فيلم نايلة الخاجة «ثلاثة»، وهو على مستوى فني وتقني عال جداً، أتمنى أن تدفعنا هذه التجربة للتفكير والتخطيط لمستقبل سينمائي مشرق للسينما الإماراتية.

ibrahimustadi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 
تويتر