الحوار الوطني حول التغير المناخي (2)

فيصل محمد الشمري

تشرفت بالمشاركة في الجلسة الخاصة التي استضافتها وزارة التغير المناخي والبيئة قبل أيام، لمناقشة سبل توظيف التمويل الأخضر، في إطار مبادرة «الحوار الوطني حول الطموح المناخي» لتسريع جهود الدولة نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ضمن الجهود الوطنية لتعزيز العمل المناخي، في ظل عام الاستدامة واستضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) بنهاية العام الجاري.

وكانت مشاركة وزيرة التغير المناخي والبيئة، مريم المهيري، بجانب 100 ممثل من قطاعات البنوك والتأمين والاستثمار والخدمات المالية والاستشارات، وممثلين عن عدة وزارات، وقيادات الوزارة، رسالة وطنية مشتركة بالالتزام بالسير قدماً لمستقبل أكثر استدامة، ولرفع سقف طموحات التمويل المناخي، كونه مساراً حاسماً لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، كما أنه من موضوعات النقاش الرئيسة بمؤتمر (COP28).

لقد أتيحت لي الفرصة كأحد المتحدثين لتسليط الضوء على حيوية الأدوات والمنتجات والخدمات المالية المبتكرة، في تعزيز الاستدامة والمرونة والتمكين من تحقيق أهدافنا المناخية والبيئية. فاستثمارات التمويل الأخضر مازالت تواجه تحديات الصور النمطية، بشأن المخاطر واحتمالية انخفاض العائدات على الاستثمار طويل المدى.

فنحن كدولة، حملنا نبراس الأمل ومشعل الحضارة في ما يتعلق بجدوى المشاريع الخضراء، فهي استثمار في المستقبل، ولهذا فإن تطوير منتجات وخدمات مالية مبتكرة تعزز الاستدامة، وتعد ركيزة استراتيجية وطنية اقتصادية ومالية، تعزز الاقتصاد الدائري وتسهم في معالجة قضايا التغير المناخي، وتمول التقنيات الخضراء المجدية والبحث العلمي المتقدم، مع تحقيق مصالح جميع الأطراف المعنية، أمر بالغ الأهمية.

إن الخطوة الأولى لرصد مخاطر المناخ التطلعية وكيفية استكشاف ووضع أهداف لإزالة الكربون من الاستثمار، لتحقيق أهداف مؤقتة طموحة وواقعية بآن واحد، يتطلب الاتفاق والعمل على إطار عمل كمجال متكافئ لتقييم ما نحن فيه، ويمكن أن يتم ذلك إما عن طريق بطاقات أداء التصنيف القطاعي أو التقييم الحالي للمخاطر المادية والانتقالية على الاستثمارات الحالية، لتحديد موقعنا وموقفنا الحقيقي. ويمكن استخدام الخطوات الخاصة بكيفية تحديد الأهداف بما يتماشى مع رؤية بيئة التشغيل والأهداف والاستراتيجيات التنظيمية لتحديد أهداف متوسطة وطويلة المدى.

أما من المنظور العالمي، فمن المهم أن نضع في اعتبارنا الاختلاف في وتيرة الاقتصادات بجميع أنحاء العالم ويجب أن يكون تحديد الهدف بطريقة تشعر الجميع بالالتزام على قدم المساواة، مع مراعاة احتياجاتهم الخاصة.

فلا يجوز أن نطالب دولاً نامية بما نطلبه من دول أسهمت بتلوث الأرض لمئات السنين ومن قبل الثورة الصناعية الثالثة!

ولعل وجود طرق مختلفة لتقييم وتنفيذ أهداف المتعاملين الصافية الصفرية، ينبئ بإمكانية تطوير منهجية إماراتية مبتكرة، قد تصبح جزءاً من خيارات المتعاملين، عند فتح حساباتهم وتسجيل بياناتهم للامتثال لمتطلبات (Know Your Customer)، لتشمل إطار عمل مؤسسياً إماراتياً موثوقاً ومعتمداً، يشمل معرفة البصمة البيئية والانبعاثات والأثر والمبادرات الخضراء، واستحقاقية الجهة للتمويل الأخضر وأولوياتها في التمويل. مثل هذا التوجه يمكن دعمه بخفض ضريبي على الأرباح أو حتى القيمة المضافة، ويمكن أن يكون قناة لتطوير منظومة القيمة المحلية المضافة الـICV، لتصبح دعامة اقتصادية للصناعات التحويلية والمنتجات القادمة للدولة، باشتراط استخدام منتجات من مواد معاد تدويرها كخط أساس، وباستخدام الطاقة الشمسية.

وقد يرى البعض صعوبة لذلك، ولكننا حققنا ذلك، حيث يتم تصدير الألمنيوم الإماراتي المنتج تكاملياً «باستخدام الطاقة الشمسية»، للمتعاملين حول العالم تحت اسم «سيليستيال» (CelestiAL). ومن الواجب دراسة فرض استخدامه في صناعات الفضاء وقطاع الطيران وكذلك السيارات وغيرها، بوضع أهداف واقعية طموحة تلزم بالاستخدام خلال الأعوام القادمة وتسبق عام 2030. فالغرب يتحدث عن منع استخدام الوقود الأحفوري، ونحن يجب أن نتحدث عن تحول شمولي في الطاقة، مع بدائل واقعية لتمكين الحياة من الازدهار، ويعطي قيمة لمنتجاتنا الخضراء، مع فرض ضرائب ورسوم جمركية، تواجه ممارسات اقتصادية أجنبية، لا نرى لها جدوى سوى جباية الأموال.

ومع قرب (COP28)، يمكن لنا المشاركة بشكل أكبر من أجل زيادة احتمالية تحقيق الأهداف عبر تحديد مجال متكافئ للجميع، مع وضع رؤية وهدف للعمل من أجل تحقيقهما. فتجميع العقول النيرة والخبرات العالمية يجب أن يتضمن قواعد وضوابط تشمل تحفيز التمويل الأخضر. وأبسطها أن تلبي أسعار الفائدة، احتياجات التمويلات الخضراء، وحوافز أخرى مركبة.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر