يوميات في العمل الخيري (1)

بمختلف اللغات!

الدكتور هشام الزهراني

بينما أجلس في مكتبي أطالع ملفات المستفيدين، واستقبل المراجعين وأصحاب الحاجات، إذ تأخذني الدهشة من أناس يعيشون على الكفاف، دخلهم قليل والتزاماتهم عالية، فأسألهم باستغراب عن سبب إيثارهم البقاء مع هذا الوضع في الدولة، فتقرع سمعي إجابة واحدة، سمعتها مراراً وتكراراً بلغات مختلفة، ولهجات متباينة، مفادها أن الإنسان في دولة الإمارات يحصل على قوته اليومي، فأتعجب من توافق الآراء على هذه النتيجة، مع تفاوت اللغات والثقافات.

‎وينبغي أن نقف مع كلامهم قليلاً، حيث يحمل في طياته وبين جنباته دلالات مهمة، تستدعي أن نشكر الله تعالى على نعمه وفضله، نعم بفضل الله تعالى ثم بما حبا هذه البلاد بإدارة حكيمة ينعم كل إنسان على هذه الأرض بالأمن والأمان في جوانب كثيرة، بغض النظر عن عرقه أو لونه أو جنسه، فالأمن والأمان سبب لأن يحظى المرء بعيشة كريمة، بل كل سعادة وتطور ورقي أثر من آثار الأمن، ومصداقه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح آمناً في سربه معافى في جسده عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا».

ثم بعد ذلك سمعت وسمع الجميع عن أمر لافت، وهو الإعلان عن أكبر مبادرة مباركة في المنطقة، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله ورعاه، في «وقف المليار وجبة»، لكي تؤكد ما ذكرته آنفاً، بل تزيد على ذلك ما لم يجل في خاطري ولم يسرِ في خلدي، بأن طموح صاحب الرؤى الثاقبة صار أبعد مما يخطر على البال، فالطموح ليس محصوراً على مكان أو فئة محددة، بل الغاية أن ينتشر الخير إلى دول العالم المختلفة، لنسمع قريباً أن الإنسان لا يعدم قوته اليومي في تلك الأقطار البعيدة.

‎وبمثل هذا الفكر الأغر، والنظر الثاقب، يعم الخير، وتتشكل مزن الإحسان في دولة صغيرة في المساحة، ليغمر وابل عطائها وبذلها أرجاء واسعة، لتكفكف دموع الثكالى البائسة، وتمسح رؤوس اليتامى في أقطار العالم الفسيح.

‎وحُقَّ لدولة الإمارات أن تفخر بولاة أمر شغلهم النظر في سد فاقة فقراء يقطنون في بلدان نائية، وحق لهذا البذل أن يكون نبراساً شامخاً، يحمده القاصي والداني بلسان الحال والمقال.

‎ولنحفظ كلنا بأن فعل المعروف يحفظ المعروف ويزيده، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.

‎فاللهم احفظ دولة الإمارات وولاة أمرها.

تويتر