انبعاثات صفرية (1)

فيصل محمد الشمري

إن تاريخ سباقات «الفورمولا1»، المعروفة باسم (Formula1 أو F1)، والمعتمدة من الاتحاد الدولي للسيارات (FIA)، يعود إلى عام 1950، حيث يشير الاسم إلى مجموعة القواعد الملزمة لكل المشاركين، وتعد أشهر فئات سباقات السيارات الدولية.

أما تجربتي الشخصية، فتعود لعام 2008، حين بدأت أبوظبي استعدادات استضافة الجولة الختامية لسباق 2009، بصفتي متحدثاً رسمياً للجنة الأمنية العليا المشرفة على التنظيم، ورئيساً لفريق اتصال الأزمات، حيث جرفتنا الاستعدادات بسلسلة من التجهيزات والمقارنات المعيارية لخبايا التنظيم، وأفضل الممارسات الدولية. وإشراف ومتابعة مباشرة من قائد المئوية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لأهم حدث رياضي تستضيفه العاصمة والدولة، وحتى المنطقة آنذاك، وعزز مكانة الوطن بين الأمم في أجندة بعض أهم الأنشطة الرياضية التي يتابعها مليارات المشاهدين حول العالم، وأعادت تعريف جزيرة ياس كمركز ترفيهي شبابي، وعاصمة رياضية عالمية.

إن ما لفت انتباهي وأعاد لي سلسلة ذكريات أعوام مستمرة من المشاركات في التنظيم والإعداد، زياراتي لمملكة البحرين الشقيقة لحضور فعاليات سباق الـ(F1)، لكن كضيف، لا كمنظم أو لأداء واجب ووظيفة رسمية أو مهمة عمل، ولهذا التغيير بصماته.

إن التغيير الذي مر على صناعة «الفورمولا1»، الصناعة التي تدر مليارات الدولارات، وتسهم في إعادة تعريف صناعة المحركات والسيارات، مهم لكل متابع أو مطلع، فمثلاً بدأ تطوير مساعدات السائق الإلكترونية خلال الثمانينات، وشهدت قواعد رئيسة عدة عمليات تغيير، مثل استبدال محركات V8 بسعة 2.4 لتر، التي تعمل بسحب الهواء الطبيعي، بوحدات طاقة هجينة سعة 1.6 لتر بشاحن توربيني عام 2014، لتقليل الضوضاء وزئير المحركات، والبصمة الكربونية.

ووقّع الاتحاد الدولي للسيارات و«الفورمولا1»، إطار عمل الأمم المتحدة «الرياضة من أجل المناخ» في يناير 2020، وتأتي أهمية التوقيع من خلال وجود 244 عضواً في 140 دولة، وإسهاماتها في تطوير رياضة السيارات والتنقل، ورسالة بالالتزام بحماية البيئة، كما يعزز إطار العمل الزخم لسنوات قادمة. ويعكس إدخال وحدة الطاقة الهجينة في (F1) وإنشاء لجنة البيئة والاستدامة، التزام مجتمع الـ(FIA) بأكمله للوقت والطاقة والموارد المالية للاستفادة من الابتكارات والتطور لحماية البيئة، وإلهام المزيد من الوعي وأفضل الممارسات، في معايير رياضة السيارات المستدامة. وجاء إطلاق (فورمولا1) خطة لتصبح محايدة للكربون بحلول عام 2030، وهي خطة طموحة، تؤكد أن التغيير قادم لا محالة لكل القطاعات، وحتى على مستوى التنظيم، يجب أن تصبح جميع الفعاليات «مستدامة» بحلول عام 2025، بما في ذلك منع استعمال المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وضمان إعادة استخدام جميع النفايات وإعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد. هذا التغيير سيعيد تعريف تنظيم الفعاليات الدولية وضوابطها.

فهل سنرى مواصفة إماراتية لتنظيم الفعاليات المستدامة؟ وهل سنرى أنشطة تماثل ما كانت تمثله سباقات السيارات من تلوث، تتحول لدعم مسيرة مستقبل البشرية واستدامة الحياة؟

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر