‏2023 عام الاستدامة (2)

فيصل محمد الشمري

بعد أشهر معدودة، سيلتقي العالم مرة أخرى في «مدينة إكسبو دبي»، بموقع «إكسبو 2020 دبي»، ليناقش قضية الساعة: التغير المناخي والاحتباس الحراري بقمّة دولية، من المأمول أن تكون بوابة المستقبل للاستدامة وديمومة الإنسانية، حيث يشكل مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» فرصة نادرة لتضع الشعوب خلافاتها جانباً، وتعمل معاً لمواجهة هذه التحديات، وبقيادة إماراتية لرئاسة هذه الفعالية وقيادة دفتها نحو توافق دولي سياسي وتوازن اقتصادي يسهم في تحول الطاقة، وتغيير عالمي مسؤول للممارسات اللابيئية، وتبني نهج مستدام، يعيد للحياة توازنها، ويحد من ارتفاعات درجات الحرارة.

هل سنرى تطبيقات الحوكمة تنعكس على هذا التحدي؟ وهل ستتطور المساءلة المجتمعية لزيادة الفاعلية وتحقيق استجابة عالمية سريعة؟

إن هذا النهج سيعزز الالتزام الأخلاقي لدى الأفراد، وواجب المشاركة، وإبداء الرأي، والسعي الدائم للاطلاع والمعرفة، وفق نهج معرفي غير تقليدي، فالمساءلة المجتمعية أحد المتطلبات الحيوية لتحسين جودة الحياة، وتنمية ورفاه المجتمع.

إن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والمشاركة العالمية برسم السياسات ومتابعة تطبيقها، سيقلل من مستوى الإقصاء والتهميش، وسيكون أداة حيوية لتعزيز الحوكمة، وتحسين فرص التنمية المجتمعية عبر الاستخدام الأمثل لمواردنا غير المتجددة، فالمسؤولية جماعية، لنتحمل أعباءها، وسنجني ثمارها معاً.

وتفعيل تطبيق مفاهيم الحوكمة الرشيدة لإخضاع المعنيين للمساءلة بفاعلية، سيسهم بالحصول على الأدوات التنفيذية والموارد اللازمة لاستخدامها لتحقيق الأهداف، وربطها بسيادة القانون والشفافية والمساءلة، وتجسيد لنموذج الشراكة المثلى بين المؤسسات الدولية والأمم والمجتمعات والمواطنين.

وستحقق الحوكمة أهدافاً متنوعة، منها أنها ستسهم في وضع قواعد ومبادئ لإدارة العمل الدولي في المنظمات والمؤسسات الدولية والرقابة عليها، لتحقيق العدالة والشفافية، وضمان حق المساءلة، وحماية حقوق سكان الأرض، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات عبر هياكل تنظيمية مُحكّمة معززة بخاصية التقييم المعياري والمؤشرات.

كما أن تحديد المكلفين بالحوكمة الرشيدة، والأطراف المشاركة لتشمل الهيئة الرقابية، سيمكن المجتمع الدولي من رصد المساءلة والرقابة على الأداء العام، كما أن المساهمة في الجهود الرسمية وغير الرسمية المبذولة ستسهم في تعزيز الثقة والالتزام، ودرء اختلال الاستدامة مماثل وشبيه للإجراءات التصحيحية التي ظهرت الحاجة لها، بسبب تناقضات نموذج العولمة الاقتصادية، والحوكمة العالمية التقليدية التي استندت إلى قواعد تخدم دولاً متقدمة وتصب في مصلحتها.

هل سنرى مراجعة دورية للمؤشرات وحوكمة فعالة ومساءلة للدول والجهات غير الملتزمة قد تصل إلى عقوبات اقتصادية أو أدوات غير تقليدية لفرض التغيير البيئي الإيجابي؟ ربما.

وهل سنشهد توجهاً حكومياً اتحادياً محلياً للدفع بممارسات الاستدامة وتطبيقات التقنيات الخضراء، والنمذجة والمحاكاة وقياس البصمة الكربونية، ومبادرات خفضها، وتمكين تحول الطاقة وسلاسل الإمداد الخضراء في ممارسات المشتريات؟

نتطلع إلى ذلك وأكثر، فهذه الأدوات إحدى أهم سمات الريادة والمرونة الإماراتية عالمياً كنموذج قيادي دولي، أصبحنا به منارة في التطور المؤسسي والممارسات الحكومية الداعمة للاستدامة وإدارة التغيير بفاعلية وكفاءة.

إن كل الإنجازات العظيمة تتطلب وقتاً، لذا فهي تستحق أن نهبها الوقت والجهد والتفاني في سبيل تحقيقها، وحماية الحياة والأرض تستحق بذل الغالي والنفيس..

وللحديث بقية.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر