التقنية الجديدة المخيفة

الدكتور علاء جراد

يأبى عام 2022 أن يغادرنا دون أن يترك لنا إبهاراً جديداً وفتحاً في عالم التكنولوجيا، فمنذ ثلاثة أسابيع فقط تم إطلاق تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي تطور غير مسبوق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي تم تسميتها Chat GPT أو «دردشة المحولات الخلاقة مسبقة التدريب»Chat Generative Pre-trained Transformer طبعاً الترجمة العربية ربما تكون غير ذات معنى، وهي ترجمة اجتهادية قمت بها، ولكن هذا التطبيق والمتاح مجاناً حتى الآن وبالتأكيد سيكون برسوم لاحقاً، هو بمثابة مساعد مطيع يمكن استخدامه في كتابة مقالات بحقائق علمية موثقة ودون أي نسبة اقتباس، أي أنه مقال حقيقي أصيل وعلمي وبلغة عالية البلاغة، وفي خلال ثوانٍ معدودة، لقد قمت بتسجيل حساب اليوم وطلبت أن يكتب لي مقالاً حول التعلم المؤسسي، وفي أقل من 20 ثانية كان المقال يطبع أمام عيني، ثم طلبت مقالاً آخر عن إدارة الجودة الشاملة وفي 15 ثانية تم كتابة المقال.

ليس هذا فقط، ولكن يمكن أن تدخل وصفاً معيناً ليقوم النظام بتحويله إلى صورة، كأن تكتب مثلاً غابة كثيفة فيها مجموعة من الحيوانات وجدول ماء لتجد أمامك صورة عالية الجودة وبدقة بالغة، وهي صورة فوتوغرافية وليست رسماً، كما أنها أصلية لم يكن لها وجود قبل ذلك ولا يوجد فيها أي خرق للملكية الفكرية، لأنها ليست مأخوذة من أي موقع، بل تم تصويرها بناء على وصفك الذي أدخلته.

هذه قشور فقط مما تستطيع تقنية Chat GPT القيام به، وستتم لاحقاً إضافة الترجمة ولغات أخرى، وبالطبع فسوف يؤثر ذلك تأثيراً كبيراً على خدمات «غوغل» والكثير من شركات التقنية الأخرى، وسيؤدي لإلغاء كم هائل من الوظائف بل وسيؤثر تأثيراً خطيراً على المؤسسات التعليمية كافة، وبالفعل بدأ بعض الطلبة إدخال مسائل رياضية وفيزيائية معقدة وتم حلها في ثوانٍ معدودة، ليس فقط الحل النهائي ولكن بالخطوات التفصيلية مع شرح لطريقة الحل.

سيؤثر هذا التطبيق على شركات بيع الصور والتي تجني المليارات، مثل شركة «شوترستوك» وغيرها. المشكلة أنه يمكن استخدام تلك التقنية في عمل مشاريع تخرج أصلية متكاملة، وكذلك كتابة مقالات وأبحاث بالكامل وهي ليست مقتبسة، فكيف ستتعامل مؤسسات التعليم مع هذا التحدي؟ لابد من التفكير في تغيير طرق التقييم والقياس. كما أنها يمكن أن تستغل في أعمال قد تكون غير قانونية أو غير أخلاقية. التقنية مملوكة لشركة Open AI وهي شركة أنشأها عام 2015 «سام ألتمان» وبالطبع «إيلون ماسك» وآخرون، وقد جمعوا مبلغ مليار دولار، ثم تركها إيلون ماسك وبقي كمتبرع ومستشار، وفي عام 2019 دخلت شركة مايكروسوفت من خلال المساهمة بمليار دولار أخرى. الموضوع جدير بالمتابعة والاطلاع والتعلم واستكشاف الفرص في هذه التقنية التي زاد مشتركوها على خمسة ملايين في ثلاثة أسابيع. هل يمكن لرجال الأعمال والمستثمرين في العالم العربي الانتباه لهذه الفرصة والاستثمار في مشروعات كهذه حتى نصبح منتجين للتقنية بدلاً من أن نكون مستهلكين، خصوصاً أنه لا تنقصنا العقول والمواهب والكفاءات في التخصصات كافة.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر