مجرد رأي

افتح يا سمسم

فيصل محمد الشمري

من بطولات عنترة، إلى يوم ذي قار، فمغامرات ابن ماجد ورحلاته البحرية التي ألهمت قصص السندباد، وغيرها من الأحداث الأقرب للأساطير التي تستدعي توثيقاً سينمائياً، وسرداً عربياً لتاريخ أصبح منسياً، فقصة علي بابا أو علاء الدين، إلى غيرها من الأساطير والروايات المنقولة، والأدبيات المسرودة، تختزل ثقافات شعوب وقصص أمم تناقلتها البشرية بتصرف وتغيير، حسب أهواء الراوي أو رغبة المنتصر.

إن الغزو الثقافي قد يكون مقبولاً عبر إذاعات تشنف آذاننا بأغاني آسيوية لا نفقه من كلماتها شيئاً عبر أثير قنواتنا المحلية، بحكم الجاليات المقيمة، لتصبح أعداد هذه القنوات أضعافاً مضاعفة لأعداد القنوات الناطقة بالعربية، وقد تصبح بوابة غزو تركي عثماني جديد، يمسح تاريخ الخلافات الإسلامية السابقة، وفضلها في نقل مهاجرين بدو من جبال آسيا إلى حاضرة العروبة بغداد، ليصبحوا جنوداً وموظفين في خلافة عباسية عربية أسهموا بعد المغول في زعزعتها، وكانوا القشة التي قصمت ظهر البعير، بسبب جارية منهم تحكمت في ابنها، وأسهمت في قتل بعلها، وبناء عروشهم على محارق حضارات عربية حولتهم من بدو وقبائل إلى جنود، فدولة، اختلست مسمى الخلافة.

إن المحتوى العربي السينمائي أو التلفزيوني وحتى الإذاعي ضعيف لدرجة أن المحتوى الكاذب المشوه المسيء أخذ مكانه في قنواتنا، فإما أفلام غربية تظهرنا مظهر المجرمين اللصوص أو الإرهابيين، إلى محتوى تركي يرغب في عودة خوازيق «العصملي»، واستعمارهم، ينسب فضل حماية الإسلام لهم ويوهمنا بالخسارة الإنسانية والتاريخية والاقتصادية والثقافية المهولة لسقوطهم، مظهراً العرب موضع الخيانة، متناسياً حقيقة واقعهم المخزي، وقتل الأخ لإخوته وعربدتهم في البلاد والعباد، وجرائم باشاواتهم.

مهند، والعثمانيون، وغيرها من مسلسلات لم تكن تظهر على شاشاتنا، لتصبح أهم لدى عوائلنا، بغزو ثقافي وتحايل ناعم لا أسميه قوة، وإنما احتيال، سحب حتى بوصلة خرائط سياحتنا لمدن وقرى لم نسمع عنها من قبل، ليتحول إلى باب درّ مليارات سياحية، ودعم اقتصاد دولة لايزال بعض السياسيين العنصريين فيها يجهرون بالعداء لنا.

برامج مثل «افتح يا سمسم»، أو «سلامتك»، أثبتت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ومحتوى هادفاً يجب أن يتكرر ويستثمر بها تجارياً، وتشجيع الكتاب على فتح صفحات التاريخ، وتذكير من نسي ما كانت مكانته، ومن صنع أمجاده وأسهم في ظهوره، ومن ثم غدره ودفنه لأسياده، واجب، كما أن السكوت عن حماقاتهم وتسويقهم لبطولاتهم زيفاً وبهتاناً، قصور من السينمائيين العرب والكتاب الوطنيين.

السينما فن وصناعة، ركيزة حضارية، وأداة تأريخ مهمة، الكلمة فيها للتعبير القوي المؤثر.

ولذلك، فإن تطوير قناة تفاعلية بمحتوى مناسب تستخدم الإنترنت للانتشار، وعرض يناسب مجتمعاتنا؛ أصبح مطلباً حيوياً، ولو بـ«افتح يا سمسم».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


- مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

تويتر