كـل يــوم

لا طعم للمنافسات مع غياب مبدأ تساوي الفرص!

سامي الريامي

مبدأ تساوي الفرص هو أهم مبادئ الرياضة بجميع أنواعها وأشكالها، وكرة القدم بالتأكيد ليست استثناء من هذا المبدأ، وتساوي الفرص يعني بشكل واضح أن تحظى جميع الفرق المتنافسة في البطولات بالحقوق والفرص ذاتها، وتُطبق عليها القوانين ذاتها، وذلك بهدف إعطاء شرعية وأحقية الفوز في المنافسات لمن يمتلك الجدارة والتميز، والجهد الأفضل داخل المستطيل الأخضر فقط، من دون أن يحصل على أي أفضلية من خارج الملعب، تجعله مؤهلاً للفوز أكثر من غيره داخل الملعب!

ولعل هذا المبدأ الرياضي المهم، الذي لا تستقيم المنافسات من دونه، غاب بشكل واضح عن قضية التجنيس التي شغلت الرأي العام الرياضي في الإمارات، الأيام السابقة، ومع اتفاقنا على ضرورة التجنيس في المرحلة المقبلة، فإنه في الوضع الحالي أعطى أفضلية وتميزاً لأندية بعينها دون بقية الأندية، وبشكل بات يؤثر بشكل كبير في مسار منافسات كرة القدم في الدولة، ما يعني غياب العدالة والمساواة، وتميز فرق على غيرها بشكل يؤدي إلى غياب طعم المنافسة والترقب والحماس الكروي المعهود.

ومن دون أدنى شك بات واضحاً بعد إتمام عملية تجنيس لاعب نادي الوحدة تيغالي، ولاعب نادي العين كايو كانيدو، أن الناديين سيحصلان على أفضلية حصولهما على لاعبين محترفين متميزين، وأفضلية أخرى تتيح لهما ضم لاعب أجنبي آخر إلى صفوفهما، وبالتالي أصبحت لديهما أفضلية في مشاركة خمسة لاعبين سوبر في البطولات المحلية، ما سيؤثر في شكل ومسار المنافسة مع بقية الأندية في دوري الخليج العربي، لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، كما لا يستطيع أحد أن ينكر الإحباط الذي سينتشر عند بقية الأندية!

أعود وأجدد أهمية التجنيس في المرحلة المقبلة، فالمنتخب أصبح بحاجة ماسة إلى تدعيمه بلاعبين متميزين، والقانون الدولي لا يمنع ذلك، لكن شريطة أن يكون التجنيس منظماً وليس انتقائياً، وأن تُحدد له شروط وقوانين واضحة يعرفها الجميع، ولا تؤثر في مبدأ تساوي الفرص، صحيح أن المنتخب الوطني سيستفيد من التجنيس، لكن استفادة أندية بعينها أصبحت تفوق فائدة المنتخب، وهذا أمر أصبح واضحاً للجميع.

لدينا تجربة سابقة، فعندما قام نادي الجزيرة بتجنيس اللاعب، إبراهيم دياكيه، عام 2006 تم طرحه في مزاد علني للأندية الراغبة في التعاقد معه، وذلك بهدف واحد، هو منح الأندية أحقية الاستفادة منه لاعباً مواطناً، تحقيقاً لمبدأ تساوي الفرص، لكن ما حدث الأسبوع الماضي لم يحافظ إطلاقاً على هذا المبدأ!

في أوروبا مثلاً، يعتبر مبدأ تكافؤ الفرص خطاً أحمر، لا يجوز تجاوزه أبداً، فالاتحاد الأوروبي لكرة القدم يفرض منذ بداية عام 2012 قانون اللعب النظيف، وهذا القانون يراقب مصروفات وإيرادات الأندية، تحقيقاً لمبدأ تساوي الفرص بين جميع الأندية في المنافسة، وحتى لا يكون لنادٍ أفضلية مالية في استقطاب كبار اللاعبين مستغلاً قدراته المالية، كما يحمي الأندية من الإفلاس والمبالغة في الصرف.

ويهدف القانون الأوروبي أيضاً إلى دفع الأندية إلى الاهتمام بالمواهب والمراحل العمرية الصغيرة، وتحقيق التوازن في ميزانياتها بحيث تتعادل المصروفات مع الإيرادات، وتخرج من مشكلاتها المالية بدلاً من تبذير الأموال في استقطاب اللاعبين، فهل ندرك هُنا ذلك؟ وهل نستعيد مبدأ تكافؤ الفرص في كل شيء، حتى نعيد للمنافسات نكهتها وطعمها الحقيقي، ونعطي المجتهد فرصة كي يثبت اجتهاده؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر