5 دقائق

أفلام زمن «واتس أب»

عبدالله القمزي

غالباً آخر نشاط في يومك يتعلق بوقت فراغك، فإما أنك تقرأ أو تشاهد فيلماً أو تقضي وقتك على «السوشيال ميديا». ولنكن واقعيين فحتى لو كنت جالساً مع أهلك أو أصدقائك، فإن رأسك مطأطئ في الشاشة ولا أحد ينكر ذلك.

مشاهدة الأفلام بالمنزل في زمن «واتس أب» ليست مثل مشاهدتها قبله. فتطبيق التراسل الشهير أحدث خللاً شديداً في عملية التركيز الذهني. وأصبح على مخك المسكين عبء هائل وثقيل، هو تحليل كل المعلومات الواردة عبر «واتس أب»، وفرز المهم من التافه.

لهذا السبب أصبح اليوم يمر سريعاً علينا، لكن عندما تنظر إلى تراكمات السنوات الماضية، ولنقل السبع الأخيرة، تشعر بأنها كانت منذ زمن بعيد، ولا غرابة لأن مخك المسكين مشغول في تحليل الكم الضخم من المعلومات في «واتس أب» بشكل يومي.

فلنعد إلى آخر نشاط في يومك، شخصياً، لو بدأت فيلماً من 90 دقيقة، فشبه مستحيل أن أنتهي منه في مدته، بل أضيف إليه ساعة أخرى تقريباً. ما يحدث هو أنك مضطر إلى النظر في التطبيق مرة كل 20 دقيقة، لتتأكد إن كان هناك شخص يريدك للضرورة.

لكن بطريقة أو بأخرى تنجرف وراء سيل المعلومات الواردة من نظريات المؤامرة المكررة إلى ذلك الشخص، الذي يصرّ على أن ترد عليه، لأن وقته أهم من وقتك إلى الجدال الحاصل في هذا «الجروب»، أو ذلك على فيديو غالباً لا يهمك ولو جربت تشغيله لنسيت ما تفعله في وقت فراغك!

فيلم الساعتين يتمدد إلى أربع، وفيلم الثلاث ساعات يتمدد أحياناً إلى فترتي مشاهدة رغم أنفي، وحتماً ستكون فترتا المشاهدة ليستا بالمزاج نفسه!

منذ 10 أعوام كان الوضع هادئاً نسبياً، فـ«نوكيا» الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، يرن أوقات الضرورة، ونظريات المؤامرة لا تجد مساحة لأن «جزءاً من النص مفقود» ولله الحمد! وكان «البلاك بيري» محدوداً، ونصوص نظريات المؤامرة تتحطم على صخور بدائيته!

منذ 20 عاماً كان «نوكيا» متسيداً المشهد، وأقصى ما تصل إليه حرفية الرسائل النصية نكات، أو رسومات مصنوعة بالرموز، لم يكن أحد يعيرها اهتماماً. والاتصال بالعالم الخارجي كان يحتم وجود كمبيوتر.

نعود إلى اليوم، أصبح تركك الهاتف الذكي ساعة واحدة فقط مدعاة قلق، لأنك إما تريد أن تعرف ما فاتك من سيل معلومات في أحيان كثيرة لا يحمل أي قيمة، أو لا تريد أن يعاتبك ذلك اللحوح على عدم الرد عليه في الوقت الذي يريده، وهذا نوع آخر من القلق.

بالعربي: عندما تترك هاتفك وتخلد إلى النوم، أو تحاول فعل ذلك من دون تفحص تلك الشاشة التي تضيء غامزة لك أن تحملها وتبحلق فيها وأنت في صراع مع نفسك، هل تنام أم تنظر مرة أخيرة، المهم عندما تتركه جرب أن تفكر في الأسئلة التالية: بالنظر إلى المعلومات الواردة عبر «واتس أب» في يوم معين، هل يستحق هذا التطبيق حجم القلق الذي يتولد في أنفسنا عندما نتركه؟ هل كانت كل المعلومات ضرورية لقراءتها؟ هل ضيعت وقتك عندما جادلت فلاناً على هذا «الجروب» أو ذاك؟.. أترك لكم الإجابة.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر