كـل يــوم

هل نستفيد من المعلومات؟!

سامي الريامي

القمة العالمية للحكومات، التي تنظمها الإمارات، أصبحت واحداً من أهم المؤتمرات الدولية التي ترسم توجه العالم، وتحدد بوضوح دور ووظيفة الحكومات في المستقبل، لذلك فإن كل ما يُطرح فيها له قيمته ووزنه وأهميته، وتالياً يجب أن تتحول الأفكار المطروحة، أو على الأقل بعضها، إلى خطط وبرامج عملية تُنفذها الجهات الحكومية، اتحادية كانت أم محلية، بدلاً من أن يكتفي كثير من المسؤولين الحكوميين بالحضور والاستماع فقط!

في القمة الأخيرة، عرفنا أن 45% من الوظائف ستختفي خلال السنوات المقبلة، ومعظم هذه الوظائف هي الوظائف التي تعتمد على المنطق، أو الروتين، أو القوة البدنية، في مقابل ذلك، فإن الوظائف الوحيدة التي ستحقق نمواً هي تلك التي تعتمد على الخيال والإبداع، وذلك حسب آخر الدراسات.

فحجم القطاع الاقتصادي المتعلق بالخيال والإبداع بلغ في 2015 أكثر من 2.2 تريليون دولار، وستعتمد عليه وظائف المستقبل بشكل رئيس، وهذا يعني أن السنوات المقبلة ستعتمد اعتماداً كلياً عليهما، وهما يتطلبان دون شك تعليماً مختلفاً، تعليماً يحفز الخيال، وينمي الإبداع، ويغرس روح البحث والابتكار، لا ذلك التعليم الذي يعتمد على التلقين.

وما يلفت الانتباه أكثر، أن الأفكار ستكون هي السلعة الأهم، والأفكار لن تحمل جنسية معينة، ولن تحدها حدود، وستهاجر أفضل الأفكار، وأصحابها يعيشون في بلادهم، وهذا الأمر ليس بعيداً، بل ملامحه بدأت تتضح جلية منذ اليوم، حيث يمكن الآن بناء الاقتصاد بأفكار شباب يعيشون في بلد آخر، ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يبلغ حجم سوق المواهب 57 مليون موهبة، يعرضون مواهبهم في الفضاء الرقمي، هؤلاء أضافوا إلى الاقتصاد الأميركي 1.4 تريليون دولار في عام 2017 وحده، ومن المتوقع أن تتجاوز القوة العاملة في سوق المواهب المفتوحة هناك أكثر من 50% من القوة العاملة في عام 2027.

هذه المعلومات حرفياً طُرحت في القمة العالمية للحكومات، هُنا في دبي، وسمعها جميع المسؤولين دون استثناء، ومن لم يحضر لاشك أنه قرأها، فالقمة تحظى بتغطيات إعلامية غير عادية، لذا فالسؤال المنطقي الذي نود طرحه: ما الإجراءات والخطط والبرامج التي وُضعت لتهيئة وتأهيل الجيل الجديد للتغيرات الجديدة والوظائف الجديدة؟!

أتساءل: هل يعرف الخريجون الجدد أين يتجهون، وفي ماذا يتخصصون، وأين يدرسون؟ وهل يعرفون شيئاً عن الوظائف التي ستندثر، والوظائف الجديدة التي يجب أن يستعدوا لها؟ وهل يعرفون احتياجات سوق العمل ليدرسوا تخصصات تتناسب معها؟!

لا أملك جواباً دقيقاً، ولكن من خلال رصد بسيط، نلاحظ فعلاً وجود ثغرة في توجيه وإرشاد الطلبة نحو تخصصات المستقبل، وأنا لا أتحدث عن مُحاضرة هُنا، أو زيارة طلابية هُناك، بل أتحدث عن قاعدة معلومات شاملة، ومراكز إرشادية واضحة ومعروفة، تُحلل نتيجة الطالب، وترصد مواهبه، ثم توجهه الاتجاه الصحيح، الذي يتناسب مع إمكاناته واحتياجات سوق العمل.

لابد من وجود صورة كبيرة شاملة، فأولياء الأمور والطلبة لا يستطيعون وحدهم اختيار التخصصات، إنها احتياجات سوق عمل مستقبلية، والجهات المعنية هي الأدرى بها، وهي الأقدر على منع عشوائية الاختيار، وإيقاف التخصصات غير المطلوبة، والتركيز على تخصصات المستقبل، فهل هناك جهات تفعل ذلك؟.. مجرد سؤال!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر