5 دقائق

وداعاً للسيارات

الدكتور علاء جراد

في عام 1768 تم اختراع أول سيارة يمكنها نقل البشر، وكانت تسير بالبخار، وفي عام 1886 ظهرت إلى العالم السيارة التي تسير بالبترول، وقد راود حلم امتلاك سيارة ملايين البشر في العالم، لأنها تمثل الكثير من المعاني باختلاف الثقافات ومستوى التعليم والوضع الاجتماعي، فبالنسبة للبعض تعتبر السيارة مجرد وسيلة نقل عملية، تتيح مرونة وحرية أكبر في الانتقال، وبالنسبة للبعض الآخر فهي أحد عناصر الوجاهة والمكانة الاجتماعية، فقد يستدين الكثيرون من أجل امتلاك سيارة جديدة ومتطورة، ويغالي الكثيرون في ذلك، حيث يقومون بتغيير السيارة كلما ظهر موديل جديد به بعض المزايا، ولو كان الشخص ليس بحاجة لتلك المزايا، أو لا يعرف كيف يستفيد منها، ولكن لزوم الوجاهة والتباهي.

لقد اقترن استمتاع ملايين البشر بالسيارات في العالم بكلفة اقتصادية واجتماعية وبيئية هائلة، تمثَّل جزء منها في عدد الوفيات السنوية التي تبلغ مليوناً 250 ألفاً سنوياً، حسب المنظمة الدولية للسلامة والسفر، أي أن 3287 شخصاً يفقدون حياتهم يومياً نتيجة حوادث الطرق، هذا بخلاف الإصابات التي تقدر ما بين 20 و50 مليون إصابة سنوياً، معظم أصحابها في الفئة العمرية من 16 إلى 44 عاماً، ولكن يبدو أن هذه الصناعة العملاقة في طريقها إلى تحول لم يسبق له مثيل، فبحسب ما تنشره المؤسسات البحثية وشركات التكنولوجيا المستقبلية، يبدو أن السيارات التقليدية ستختفي تدريجياً، وستختفي معها موارد الطاقة التقليدية، لترك المجال للسيارات الذكية ذاتية القيادة، التي ستعتمد على الطاقة النظيفة والمتجددة. ولن يكون هناك داعٍ للانشغال بقيادة السيارة، لأنها ستعمل ضمن شبكة من السيارات والمسارات المستقلة التي تدير نفسها، كما لن يكون الأشخاص بحاجة لامتلاك سيارة بصفة دائمة، حيث سيحتاج الناس لخدمة التوصيل من مكان إلى آخر دون الحاجة لامتلاك سيارة، خصوصاً إذا علمنا أن متوسط الوقت الذي تستخدم فيه السيارات لا يزيد على 10% من عمر السيارة، وتقضي السيارة الـ90% من عمرها متوقفة.

الكثير منا سمع عن هذه الأمور، وربما قد استمتع البعض بركوب سيارة ذاتية القيادة أو شاهدها في أحد المعارض، فالموضوع لم يعد مجرد خيال علمي، ولكن ماذا بعد؟ وماذا نحن فاعلون؟ يحتاج القائمون على تخطيط المدن وشبكات الطرق للبدء في وضع خطط لاستيعاب تلك التكنولوجيا المتطورة، التي قد تنقذ حياة الآلاف، لأنها أكثر أماناً، كما يجب مراجعة التجمعات السكنية وتجمعات الأعمال، لتسهيل الانتقال إلى العمل، ويمكن أيضاً تشجيع الناس على التشارك في وسائل المواصلات، والاستغناء عن السيارات التقليدية، وبالتالي إنقاذ بيئتنا، والحفاظ على كوكبنا.

اقترن استمتاع ملايين البشر بالسيارات في العالم بكلفة اقتصادية واجتماعية وبيئية هائلة، تمثَّل جزء منها في عدد الوفيات السنوية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر