5 دقائق

وقفة مع الفيلم الإماراتي

عبدالله القمزي

ذكرت، في مقال الأسبوع الماضي، أنني لا أشاهد أفلاماً إماراتية لرداءتها، وهذا المقال لأشرح موقفي من العينة التي شاهدتها.. وليس أي شيء آخر. شاهدت أول فيلم إماراتي في بداية العقد الماضي، مع مجموعة أصدقاء بداعي الفضول، وخرجنا نسخر منه، لأنه كان بدائياً جداً، لدرجة أن الفيلم الصامت البدائي يبدو اليوم أفضل منه نصاً وفناً.

- الممثلون مصرّون

على التصنّع في الأداء

بدل تقمص الشخصية،

وهذا هو الفرق بين

المحترف والهاوي.

انطلق مهرجان دبي السينمائي، وكانت هناك مجموعة أفلام إماراتية تُكرَّم بجوائز، لكن لم تكن هناك فرصة لمشاهدتها خارج المهرجان، وبعضها نجده في أسواق الفيديو، إلا أننا لا نجازف بشرائه بحكم الخبرة السابقة.

في آخر العقد الماضي، نشرت تقارير في الصحافة المحلية عن بعض الأسماء التي درست سينما في الخارج، وصنعت - بدعم حكومي - أفلاماً محلية تم الاحتفاء بها. قلت ربما الوضع تغير وقررت المشاهدة إلا أنني صدمت بالنتيجة، إذ لم يتغير شيء سوى الأدوات التي صنع منها الفيلم، ولايزال النص رديئاً.. والتمثيل أشد رداءة.

بعد تجنبها لست سنوات، احتفت الصحافة المحلية، وبعض الصحف الأميركية غير المعروفة، بفيلمين، فقررت التنازل والتأكد بنفسي من جودة المنتج، ولكنني صدمت مرة ثانية، إذ إنني عام 2015 شاهدت فيلمين إماراتيين: الأول خرجت من منتصفه لأنه لم يكن يخاطب عقلي، بل كانت الشخصيات تهرج تهريجاً لا يناسب إلا نزلاء مستشفى أمراض عقلية، فكان خروجي احتراماً لعقلي. أما الثاني فكان تقليداً لفيلم أجنبي بأداء سيئ، وعندما نظرت حولي في الصالة، اكتشفت أنني الوحيد الباقي.

تكريم المهرجانات يعني مجرد تشجيع، وأفلامنا حتى لو فازت بجوائز هامشية، فلا تحصل إلا على عرض واحد أو اثنين يومياً خارج المهرجان، وحياتها قصيرة في الصالات، وهذا يعني أن جمهورها معروف، وهو شريحة قليلة جداً، مقارنة بالأفلام الأخرى.

رداءة الفيلم بالنسبة للشريحة العظمى من الجمهور، وهذا واقعي للأسباب التالية:

صانع الفيلم حتى لو درس في الخارج، فإنه يصنعه بالمتوافر محلياً من عناصر: نص غير ناضج، ممثلون هواة، فنيون لا يطبقون معايير إنتاج عالية، وهؤلاء الفنيون تحديداً سبب ارتفاع الصوت في مشهد وانخفاضه في آخر، أو صوت الممثل كأنه خارج من برميل، أو إضاءة سيئة غير متناسقة حتى في المشهد الواحد.

الممثلون مصرّون على التصنّع في الأداء بدل تقمص الشخصية، وهذا الفرق بين المحترف والهاوي، في الأفلام الأميركية وحتى المصرية المصنوعة جيداً، لا تشعر بأن الممثل «يمثل»، بل يؤدي بواقعية.

عدم وجود ثقافة صحافة سينمائية حقيقية، فالصحافيون العرب لا يجيدون قراءة الفيلم، لعدم امتلاكهم الكفاءة المطلوبة، ويملؤون تقاريرهم بكلمات هم لا يفهمون معناها، وجمل ركيكة، وبالتالي يتم تضليل الجمهور.

بالعربي: أقترح على كل صانع أفلام إماراتي درس في الخارج أو ينوي الدراسة، أن يمضي 10 سنوات في الولايات المتحدة أو بريطانيا، والانخراط في صنع أفلام هناك، والاحتكاك بالمحترفين الحقيقيين قبل صنع أي فيلم محلي، إذ لابد من تجاوز مرحلة المشاركة في مهرجانات غير معروفة من أجل شهادات تقديرية.. وربما بعد 10 أعوام نراهم يتنافسون في برلين، أو كان، أو حتى في هوليوود!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر