5 دقائق

الخلل في جوهر «فيس بوك»

عبدالله القمزي

هبط سهم «فيس بوك» أكثر من 20%، الخميس الماضي، بعد إعلان الشركة حصولها على أرباح أقل من المتوقع، ومع توقعات بتباطؤ النمو مستقبلاً. كان هذا الهبوط الأكبر في تاريخ «فيس بوك» كشركة مساهمة عامة، وشطب أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية.

ليست المرة الأولى التي تهبط فيها أسهم «فيس بوك»، ففي مارس الماضي، بعد فضيحة كيمبريج آناليتيكا، فقد سهم الشركة 18% من قيمته في أسبوعين. لكن منذ ذلك الهبوط عاد وارتفع يوماً بعد يوم إلى 70%. التعافي جعل الشركة تبدو محصنة ضد الصدمات حتى لو كانت تسريبَ معلومات أو التلاعب بنتائج انتخابات.

هذه المرة لا يوجد سبب واضح للتراجع، لكنّ لدينا عوامل عدة تشكل حاجز صد أمام تقدم الشركة، وهذه العوامل، وربما أخرى جديدة، لن تتوقف قريباً. رغم ذلك «فيس بوك» تتمتع بحيز كبير للنمو، واعتبار هذا التراجع كعلامة سقوط للشركة هو تصور خاطئ، «فيس بوك» لاتزال قوية رغم الضربات.

بلمحة أولية.. نتائج الربع الثاني لـ«فيس بوك» تبدو جيدة جداً، الشركة حصدت عائدات أعلى من المتوقع، لكن أرباحها الصافية كانت أقل بـ1%، أي أنها كسبت 13.23 مليار دولار في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى 13.34 ملياراً.

حذر المدير المالي لـ«فيس بوك»، ديفيد ويهنر، المستثمرين من أن نمو العائدات سيتباطأ خلال ما تبقى من هذا العام، وأضاف أن ربحية الشركة ستتباطأ كذلك. ووصلت نسبة هامش التشغيل إلى 50%، وهي نسبة أعلى من «أبل» و«غوغل» اللتين لا تتخطيان 30%.

أسباب التباطؤ تعود إلى قرار «فيس بوك»، الاستثمار في منتجات وخدمات جديدة، بالإضافة إلى التغييرات التي طالت خصوصية وأمن المنصة، وتباطؤ نمو قاعدة المستخدمين وهبوطها الحاد في أوروبا، نتيجة القرارات الأخيرة للاتحاد الأوروبي.

بالنسبة لنقاد «فيس بوك» فإن الانهيار ذو آثار معنوية، فالشركة تدفع أثمان سوء قراراتها وتصرفاتها الماضية، لكن لا يمكن النظر إلى انهيار الخميس كعلامة سقوط واضمحلال الشركة، قياساً على أدائها في الماضي، لأن هبوط أسهم الشركة مرتبط فقط بمدى قدرتها على الاستمرار في زيادة الأرباح وفق المعدل السابق.

قبل الانهيار، تفاخرت «فيس بوك» بوجود مليارين ونصف المليار مستخدم على منصاتها كافة (الرقم يشمل واتس أب و إنستغرام)، ويوجد 7.6 مليارات آدمي على الكوكب، نصفهم متصل بالشبكة، وهذا يعني وجود فرص نمو لـ«فيس بوك» نظرياً ضمن المتصلين بالشبكة، لكن الوصول إلى مستخدمين جدد صعب ومكلف، وهذا يتزامن مع إلغاء الشركة قرارها بتوصيل الإنترنت بطائرات دون طيار، وكانت هذه وسيلة للوصول إلى نقطة الاستحواذ الكامل على البشرية.

بالعربي: تعالت أصوات بعض المستثمرين الداعية إلى خروج مارك زوكربيرغ من رئاسة الشركة إلى منصب آخر أقل تأثيراً. صحيح أن تحقيق ذلك صعب نظراً إلى نفوذ الرجل، وردود الشركة أن هذا الإجراء غير فعال، وسيلقي شكوكاً حول مستقبلها، لكن المال يتحدث كما يقال، وقد سبّب أوجاعاً الخميس الماضي. هذا معناه أن كل التخبطات الأخيرة في إدارة زوكربيرغ تعكس خللاً في جوهر «فيس بوك».

كل التخبطات الأخيرة في إدارة زوكربيرغ تعكس خللاً في جوهر «فيس بوك».

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر