5 دقائق

القائد والمستبد

عبدالله القمزي

كُتب الكثير عن صفات القادة، وتعقد ورش عمل عن كيفية تأهيل قيادات، وهناك من يسجل في تلك الدورات، معتقداً أنه سيتعلم القيادة فوراً بمجرد انتهاء الدورة. لكن الغالبية منا لا تستفيد من تلك الدورات، لأنها تهتم بالحصول على الشهادة فقط.

الناس لا تتبع القائد بسبب كلامه، بل لأفعاله لأنه قدوة.

وأحياناً نجد أن القادة قابعون في مكاتبهم، لا نعرفهم لأننا لم نعطهم الفرصة الكاملة. القيادة فطرة وتربية ومهارة مكتسبة، وشتان بين القائد والمستبد الذي يتصوره البعض نوعاً من القادة، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «ليس ضرورياً أن يكون القائد أذكى شخص في الفريق، لكنه بالتأكيد يتمتع بالرؤية».

هذا المقال ليس علمياً لكنه من تجربتي الشخصية: هناك ثلاث صفات أساسية لاحظتها، تميز القائد عن المستبد، هذا الأخير ليس شريراً بالضرورة، لكنه متعصب جداً في وجهة نظره، ويرى الأمور من منظوره فقط.

1- القائد يريد أن يُفهم الآخرين، بينما المستبد يفرض على الجميع أن يفهموه فقط.

الأشخاص الذين يتمتعون بصفة الاستماع هم قادة بالفطرة، يستمعون لأنهم يعرفون قيمة جمع المعلومات الضرورية لاتخاذ قرار ما، ولأنهم يحرصون على جعل الآخرين - كبيرهم وصغيرهم - يشعرون بأن صوتهم مسموع. هذا هو القائد، يجعل كل أعضاء الفريق يشعرون بالقدر نفسه من الأهمية.

لاحظوا التقارير الإخبارية للشيخ محمد بن راشد: دائماً تشير إلى أنه استمع إلى شرح مفصل حول كذا وكذا. وعندما تأتي المناسبة لعرض خلاصة تجاربه، نراه يحدثنا عنها في القمة العالمية للحكومات بكل تواضع.. هذا قائد حقيقي!

لاحظوا، أيضاً، ماذا فعل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عندما التقى طفلة من أصحاب الهمم، بادر بتقبيل يدها.. هذا قائد حقيقي لأن تلك الطفلة ليست أبداً أقل أهمية من غيرها.

المستبد يتجاهل أعضاء فريقه، ولا يهتم بالاستماع إليهم، بل يريدهم أن يأخذوا منه التعليمات، وينصرفوا لتنفيذها، لذا تراهم ينفضون من حوله.

2- القائد يتحمل المسؤولية، بينما المستبد يلقي باللائمة على غيره.

لو كنتَ مسؤولاً وطُلب منك اختيار شخص ليرأس قسماً أو إدارة، فأسهل طريقة هي مراجعة أداء الشخص في وقت اليسر والعسر. لو أن هذا الشخص يشكر أعضاء فريقه في أوقات اليسر، وتحقيق الإنجازات، ويقول لولا جهود فريقي لما حققنا ذلك. وفي وقت العسر ووقوع الأخطاء تجده يتحمل المسؤولية كاملة، فهذا القائد الذي تبحث عنه.

أما لو كان مستبداً، فيمكن رصد ذلك بسهولة، إما أن يطري على نفسه عند ذكر الإنجازات، أو يلوم الآخرين وقت الإخفاق.

3- القائد يطبق ما يؤمن به، بينما المستبد يتحدث كلاماً فارغاً.

الناس لا تتبع القائد بسبب كلامه، بل لأفعاله لأنه قدوة.

ختاماً: في وظيفة سابقة، عملت مع قائد وآخر مستبد، الأول كان يغير بعض الكلمات فقط في تقاريري ويشكرني عليها ويتركني أعمل بأسلوبي، والثاني كان يعد الأسطر التي كتبتها، وعندما يجدها قليلة يقول: التقرير ناقص دون قراءة كلمة واحدة، ويجبرني على تطبيق أسلوبه العقيم في العمل.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر