كـل يــوم

قد تكون أغلى دقائق في عُمر الإنسان!

سامي الريامي

سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطانات فتكاً بالمرأة في الإمارات، فهو أكثر الأنواع سبباً في وفيات النساء بالدولة، ومع ذلك فهو أكثر أنواع السرطانات قابلية للعلاج والشفاء منه تماماً، ويمكن للمرأة أن تعود لحياتها الطبيعية بعد العلاج، ولكن شريطة أن يتم اكتشافه مبكراً قبل أن يصل إلى مراحل متأخرة يصعب علاجه بعدها!

هذه المفارقة العجيبة هي السبب وراء ضرورة التوعية بأهمية الفحص المبكر بشكل مستمر للمرأة، لتفادي هذا النوع من المرض، وهي السبب في انطلاقة القافلة الوردية كواحدة من أهم المبادرات المجتمعية الموجهة لمكافحة مرض سرطان الثدي، بدءاً من نشر التوعية إلى إجراء فحوص ميدانية، وانتهاء بتوفير العلاج للحالات المصابة بهذا المرض، ومن هُنا تكتسب هذه المبادرة أهميتها وإنسانيتها، وقيمتها الحضارية والاجتماعية.

كثيرون سمعوا عن القافلة الوردية من دون شك، فسمعتها ونشاط المسؤولين عنها إعلامياً ومجتمعياً، جعلاها تصل إلى أغلب أهل الإمارات، لكنّ كثيرين أيضاً لا يعرفون بالتفصيل كل الجهود المبذولة من أجل نجاح هذه الحملة الإنسانية، ولا يعرفون الخطوات التفصيلية التي تقوم بها هذه المبادرة، فهي ليست مجرد قافلة يتقدمها فرسان وفارسات يرتدون اللون الوردي، ويجوبون الإمارات السبع من أجل التوعية بضرورة الفحص المبكر ضد مرض سرطان الثدي. من الظلم حصر المبادرة في هذه الجزئية البسيطة من حملة ضخمة متعددة النشاطات والأهداف.

القافلة الوردية لها ثلاثة نشاطات ضخمة تعمل عليها في الوقت ذاته، فهي تجوب في أسبوع واحد كل إمارات الدولة السبع، وفي كل إمارة يتزامن مع القافلة تخصيص عيادات عديدة ثابتة في مناطق مختلفة ومعروفة، هذه العيادات تقوم بتقديم خدمة الفحص المجاني لجميع الراغبين من النساء والرجال، لاكتشاف مرض سرطان الثدي، إضافة إلى فحوص أخرى للنساء ضد مرض سرطان عنق الرحم، ليس هذا فقط، بل إن القافلة الوردية استطاعت أن توفر عيادة متنقلة خاصة بها، أشرفت بشكل كامل على تزويدها بالاحتياجات واللوازم والمعدات الخاصة، التي تتيح إجراء هذين النوعين من الفحوص، وهذه العيادة غير مسبوقة على مستوى العالم، فهي جاءت بناء على احتياجات القافلة طوال السنوات الماضية، وهي تسير بشكل متزامن مع قافلة الفرسان طوال رحلتهم في كل أرجاء الإمارات، وتقدم خدماتها لكل من يرغب في الفحص، فالمبادرة لم تكتفِ بتوفير عيادات ثابتة في أماكن عامة معروفة، بل تتحرك بعيادتها المتنقلة لتفحص وتنشر الوعي في كل كيلومتر تمرّ عليه، فهل هناك عذر لمن لا تهتم بإجراء فحص سريع قد يُنجيها من الموت؟!

ليس هذا كل شيء، فقد قررت القافلة الوردية أيضاً هذا العام ألا تكتفي بالتوعية والفحص، ودخلت في مرحلة أكثر صعوبة وهي علاج المصابين بهذا المرض القاتل، ومتابعتهم إلى حين عودتهم لحياتهم الطبيعية، وهذا من دون شك حِمل صعب، لكنّ المسؤولين عن الحملة قرروا تحمله وتحمل كل التبعات والصعوبات الناجمة عنه في سبيل إعادة البسمة لكل مريضة أو مريض، وأهلهم وأبنائهم، فلا شيء أغلى من الحياة، ولا فرحة تساوي فرحة الإنسان بإنقاذ روح بشرية من الموت!

القافلة الوردية تقوم بجهد ضخم ومقدّر، وعلى الجميع أن يبادلوا هذا الجهد وهذا الاهتمام، بضرورة الاهتمام بصحتهم، لمصلحتهم لا لمصلحة المسؤولين عن المبادرة، فلا أقل من الحرص على اتباع التعليمات بإجراء الفحوص الأولية الشهرية، ولا أقل من متابعة مسيرة القافلة والتوجه إلى العيادات الثابتة أو العيادة المتحركة لإجراء نوعين من فحوص سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، فهذه الدقائق المعدودة قد تكون أهم وأثمن دقائق في عُمر الرجل أو المرأة!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر