كـل يــوم

دروس من الكويت..

سامي الريامي

ما حدث في استاد جابر بالكويت، يوم الجمعة الماضي، هو درس عملي لكثير من الأشياء، أولها أن الإنجاز دائماً يذهب إلى من يجتهد أكثر، ويتعب أكثر، ويؤدي واجباته بإخلاص وعطاء خالص، من قلب يريد العطاء الخالص لا غير، ومنتخب الإمارات في بطولة الخليج الماضية بشكل عام، وفي المباراة النهائية بشكل خاص، لم يكن كذلك، لذا لم يستحق الإنجاز، والعكس صحيح، فإن الإنجاز ذهب إلى من يستحقه حقاً!

لست محللاً فنياً، ولست ناقداً رياضياً، ولن أتحدث عن أخطاء لاعبين أو مدرب أو إدارة، هناك من يستطيع فعل ذلك بشكل أفضل، لكني أتحدث هنا عن أداء وعطاء، وعن اهتمام واكتراث، وعن جدية وهدف كبير وسامٍ، أتحدث عن غياب كل ذلك، وغياب الدافع، ووضوح الشبع الزائد، والدلال الزائد، وغياب الحافز، بعد أن نال اللاعبون كل ما يريدون وزيادة، وأتحدث عن عدم عدالة في المعاملة، فالمكافآت تنهال على اللاعبين، وبشكل مبالغ فيه ساعة الفوز، ولا شيء أبداً يحدث إن كان الأداء سيئاً والعطاء ناقصاً، لا عدالة في ذلك، ولا يجوز أبداً أن يكون التمثيل الجيد مرهوناً بملايين تدفع فوراً، والتمثيل السيئ تكون عاقبته مجرد كلمات من نوع «هاردلك»، و«لا تقسو على اللاعبين»، و«خيرها في غيرها»!

لا يجوز ذلك، فكما يفرح الجميع لتكريمهم وقت الأداء المشرّف، لابد أن نطالب اليوم بوقفة جدية معهم، تحرمهم بعض الامتيازات نظير الأداء المخيّب للآمال، لا أتحدث هنا عن خسارة مباراة، ولا عن ضياع ركلة جزاء، أتحدث هنا عن شخصية منتخب الإمارات الغائبة، وعن حماسة وأداء قتالي مفقودين، وعن بطولة كاملة لم نشاهد فيها منتخبنا، ولم نسعد سوى بهدف واحد فقط جاء من ضربة جزاء، فهل كنا نستحق معه البطولة؟!

ما حدث درس لمن كان يعتقد نفسه كبيراً، فالكرة لا تعرف الكبير والمتعالي، ومن يتعالَ عليها فستتعالَ هي أيضاً عليه، ليعرف حجمه الطبيعي، والأمثلة على ذلك كثيرة وكثيرة جداً، فالمعادلة هنا على قدر جهدك وعطائك وعرقك في المباريات وقبل المباريات، تأتي المحصلة في الملعب، ولا علاقة لذلك بالاسم والشهرة والمال والسيارات الفارهة والرواتب الخيالية في الأمر!

ما حدث درس للجميع، للأندية والمسؤولين الرياضيين واللاعبين، عليهم جميعهم أن يستوعبوا ما حدث، وجميعهم مطالبون بتعديل الانحراف الكبير في الكرة الإماراتية، فهي على عكس كثير من الدول لا تنقصها الإمكانات والأموال والدعم الكبير، بل مشكلتها، على ما يبدو، في زيادة هذه الأموال، وصرفها على الكرة واللاعبين بشكل خيالي، أفقدهم الكثير، وأدى إلى نتيجة عكسية، هذه النتيجة هي التشبع بالمال، الذي بدوره أدى إلى عدم الاكتراث، وقتل الحماسة والحافز لدى عدد كبير من اللاعبين!

على اللاعبين جميعاً أن يراجعوا حساباتهم، وليبحثوا دائماً عن اسم الدولة لا عن مجد وشهرة شخصيين، عليهم أن يدركوا أن الفوز الحقيقي هو لمنتخب الإمارات، وليس لمن يحرز الأهداف أو من يصنعها، لقد خسرنا البطولة باختصار، لأن هناك من شعر بأنه وحده يستطيع إحراز لقب للمنتخب، ولولاه لن يكون هناك منتخب!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر