5 دقائق

حفلة طلاق

خالد السويدي

تكتب على بطاقة الدعوة عبارة: «يسعدني ويشرفني دعوتكم إلى حفلة طلاقي»، هكذا بكل بساطة وتفاهة تحوّل أبغض الحلال إلى مناسبة للاحتفال والمنكر وإقامة الولائم، والرقص على على مبدأ «هز يا وز!».

هنا في الدولة نجد عشرات الأمثلة من القياديات الإماراتيات، اللواتي نجحن في تقديم صورة مثالية.

ربما كانت صاحبة الدعوة قد عانت زوجاً غير محسوب على الرجال، ولربما أذاقها الويل صبحاً ومساءً وفي جميع فصول السنة، ولا يمكن بطبيعة الحال إنكار السعادة التي قد تشعر بها المطلقة بعدما غنت لسنوات «أعطني حريتي أطلق يديّ»، في حياة لا يمكن وصفها إلا بالكريهة والمزرية.

إنما الملاحظة الغريبة أنّ أغلب صور ولقطات حفلات الطلاق، التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، بطلاتها في أغلب الأحيان شرذمة لا تعرف شيئاً عن العيب والحياء والعادات والتقاليد، فئة تتعمد بث كل ما هو شاذ، وتسويق نفسها على أنها الفئة الـ«أوبن مايند»، التي بيدها أن تفعل كل ما يحلو لها وقتما أرادت ذلك، وتحاول التسويق على أنها القدوة الشبابية التي يتعين أن تقتدي بها أمهات المستقبل.

اللافت للنظر أن شابات هذا الجيل يسهل التأثير فيهن بما يشاهدنه في حياة مشاهير التواصل الاجتماعي والإعلاميات والوسط الفني، ليتولد شعور عند البعض بل قناعة أن الزواج عبء ثقيل، ولا يتناسب مع سرعة العصر، وقد يعيق المرأة من تحقيق كل آمالها وتطلعاتها، حتى لو كان أقصى هذه الأمنيات أن تكون «ميكب ارتست»، أو بائعة سراويل «مشخلعة» على الـ«إنستغرام».

خلال الفترة الأخيرة صادفت العديد من الأخوات الشابات اللواتي أصبح الزواج بالنسبة إليهن موضوعاً معوقاً لتقدم وتمكين المرأة، مع أنّ الواقع يثبت أن الحياة الزوجية ودعم الرجل قد يكون محفزاً للمرأة لترتقي وتصل إلى أعلى المراتب، وهنا في الدولة نجد عشرات الأمثلة من القياديات الإماراتيات اللواتي نجحن في تقديم صورة مثالية، باعتبارها أماً وزوجة، وفي الوقت نفسه قيادية تقود مؤسسات الدولة إلى نجاحات متوالية.

حفلات الطلاق التي انتشرت أخيراً لا تعبر عن عادات وقيم المجتمع، وعندما يتم تداول مثل هذه الصور والتسجيلات لا يمكنني إلا أن أشفق على هذه النوعية، التي تريد أن تكون في كل اللحظات محور الكون مع أنها فعلياً خالية من كل شيء مفيد!

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر